الأقصى عبر التاريخ
مقدمة
لكل إنسان منا عاطفة مغروسة تدفعه إلى حب شيء ما في الحياة.. وكل إنسان يوزن بما ينعطف عليه قلبه من محبوبات، وبما ينطوي عنه قلبه من مكروهات.. ولقد أحب الله تعالى من خلقه أشياء وكرمها وشرفها، وأمرنا بتقديسها وتشريفها فقد أحب الله عباداً من خلقه وأمرنا بحبهم، فأحبّ الملائكة وأحب النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.. وأحبّ الله أزمانا وفضلها وأمرنا بحبها وتكريمها وتفضيلها.. فأحبّ رمضان وليلة القدر ويوم الجمعة.. وأحبّ الله تعالى أماكن دون غيرها وقدسها وأمرنا بتقديسها، فأحب مكة المكرمة وكعبتها الشريفة وأحب المدينة المنورة ومسجدها الشريف وقدسها، وأحب بيت المقدس ومسجده الأقصى وقدسهما.. ونحن نحب ونقدس ما أحبه الله وقدسه.. فهذه حكاية مكان مبارك أحبه الله تعالى وقدسه، وأحبه الأنبياء وقدسوه. ذلكم المكان المطهر هو المسجد الأقصى.. الذي بارك الله حوله،وجعل أرضه مهبط الرسالات ومهجر الرسل والأنبياء، ومهوى أفئدة وقلوب الأولياء الصالحين. فجعل الله بيت المقدس والمسجد الأقصى محور تقديس الأنبياء والأولياء في الماضي..
ومحور أحداث الدنيا في الحاضر.. ومحشر جميع مخلوقات الله يوم المحشر.. وإليه تشد الرحال لزيارته تبركا.. واحتل بيت المقدس والمسجد الأقصى الشريف منزلة رفيعة في الإسلام بعد أن تحول إلى إرث الأمة الخاتمة.. فالقدس والمسجد الأقصى يسكنان قلب كل من له قلب من المسلمين.
]المسجد الأقصى عبر التاريخ
تأسيسه وبنائه ومكانته في الإسلام والاعتداءات التي تعرض لها
المسجد الأقصى هو الاسم الإسلامي للمعبد العتيق في أرض فلسطين، فهو مسجد قديم قدم البشرية، بناه آدم عليه السلام بعد المسجد الحرام بأربعين سنة، وعاش في أكنافه معظم الأنبياء والمرسلين، وعلى رأسهم الخليل إبراهيم عليه السلام.
والمسجد الأقصى عند العلماء والمؤرخين أشمل من مجرد البناء الموجود الآن بهذا الاسم، فكل ما هو داخل السور الكبير ذي الأبواب يعتبر مسجدا بالمعنى الشرعي، فإليه تشد الرحال وفيه تضاعف الصلوات.
مسجد قبة الصخرة يدخل ضمن المسجد الأقصى مسجد الصخرة ذو القبة الذهبية المنصوبة على المبنى المثمن، ومع أنه لم يرد نصٌّ يثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد منها إلى السماء، إلا أن كثيراً من المؤرخين اعتقدوا ذلك، ويروي أحبار اليهود الذين أسلموا أن أول من صلى عندها آدم عليه السلام، وأن إبراهيم عليه السلام اتخذ عندها معبدا ومذبحا، وعليها أقام يعقوب عليه السلام مسجده بعد أن رأى عمودا من النور فوقها، كما يروون أن يوشع عليه السلام نصب عندها قبة الزمان، أو خيمة الاجتماع التي صنعها موسى عليه السلام في التيه ليتلقى فيها الوحي، وليؤدي فيها بنوا إسرائيل فرائضهم.
الآيات التي ورد فيها ذكر المسجد الأقصى والأرض المباركة
للأرض المقدسة والمسجد الأقصى مكان متميز ومكانة رفيعة في قلوب المسلمين، فالقدس والأقصى يسكنان قلب كل مسلم، وقد وصف القرآن الكريم أرض بيت المقدس بصفات البركة والطهر والقدسية في آيات متعددة:
قال موسى عليه السلام لقومه: ((يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ ولا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ)) [الأعراف: 137].
2- وقال الله عنها: ((وأَوْرَثْنَا القَوْمَ الَذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ ومَغَارِبَهَا الَتِي بَارَكْنَا فِيهَا)) [الأعراف: 137].
3- وقال سبحانه ((سُبْحَانَ الَذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ المَسْجِدِ الحَرَامِ إلَى المَسْجِدِ الأَقْصَى الَذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ)) [الإسراء:1].
4- وقال ((ونَجَّيْنَاهُ ولُوطاً إلَى الأَرْضِ الَتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ)) [الأنبياء:71].
5- وقال ((ولِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إلَى الأَرْضِ الَتِي بَارَكْنَا فِيهَا وكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ)) [الأنبياء 81].
6- وقال ((وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ القُرَى الَتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ)) [سبأ: 18].
7- وجاءت الإشارة إلى قدسية هذه الأرض حين أقسم الله بها مع غيرها في سورة التين ((وَالتِّينِ والزَّيْتُونِ * وطُورِ سِينِينَ * وهَذَا البَلَدِ الأَمِينِ)).
8- وفي قوله تعالى ((واسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ المُنَادِ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ)) [ق: 41]، ورد في التفسير أن المنادي هو إسرافيل ينادي من صخرة بيت المقدس.
الأربعة: "الكعبة ومسجد قباء ومسجد المدينة ومسجد بيت المقدس".
10- وفي قوله تعالى ((ومَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وسَعَى فِي خَرَابِهَا)) [البقرة:114]،
قال كثير من المفسرين: هو مسجد بيت المقدس.
11- وفي قوله عز وجل ((يَوْمَ يَقُولُ المُنَافِقُونَ والْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا ورَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ العَذَابُ)) [الحديد:13]، قال ابن عباس: السور: سور بيت المقدس، به باب الرحمة، وخلفه وادي جهنم، وبربط هذا التفسير لابن عباس رضي الله عنه بقول النبي صلى الله عليه وسلم عن القدس بأنها: "أرض المحشر والمنشر"، نستطيع أن نفهم أن القدس بأسوارها، ووديانها، ومبانيها، هي نموذج مصغر للأرض التي سيجري عليها الحساب، وأنها بذاتها ستكون منطلق الناس من الأرض إلى الساهرة التي سيحاسب عليها البشر.
12- وقال تعالى ((فَإذَا جَــاءَ وعْـدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُوا وجُوهَكُمْ ولِيَدْخُلُوا المَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَــرَّةٍ ولِيُتَبِّرُوا مَـا عَلَوْا تَتْبِيراً)) [الإسراء:7]
وقد أجمع المفسرون على أن المسجد المذكور هاهنا هو المسجد الأقصى.
هذا وقد كانت صلاته صلى الله عليه وسلم بالأنبياء في ليلة الإسراء إقرارا مبينا بأن الإسلام كلمة الله الأخيرة إلى البشر، أخذت تمامها على يد محمد صلى الله عليه وسلم ، بعد أن وطأ لها العباد الصالحون من رسل الله الأولين، وكان في الإسراء دلالة على أن آخر صبغة للمسجد الأقصى في شرع الله، هي الصبغة الإسلامية، فاستقر نسب المسجد الأقصى إلى الالتصاق بالأمة التي أم رسولها سائر الأنبياء، ولا شك أن في اقتران العروج بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى السماوات العلى بالمسجد الأقصى دليلا على مدى ما لهذا البيت من مكانة عند الله تعالى.
الأحاديث التي ورد فيها ذكر المسجد الأقصى والأرض المباركة
وردت عدة أحاديث نبوية تبين فضل ومنزلة وشرف المسجد الأقصى وبيت المقدس في دين الإسلام، ومنها:
1- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تشدوا الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا والمسجد الأقصى". [البخاري، ومسلم].
2- عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أتيت بالبراق فركبته حتى أتيت بيت المقدس فربـطـته بالحلقة التي يربط فيها الأنبياء ثم دخلت المسجد فصليت فيه ركعتين، ثم عـرج بي إلى السماء". [مسلم].
3- عن جنادة بن أبي أمية الأزدي قال: "ذهبت أنا ورجل من الأنصار إلى رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقلنا حدثنا ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر في الدجال، فذكر الحديث وفيه "علامته يمكث في الأرض أربعين صباحا، يبلغ سلطانه كل منهل، لا يأتي أربعة مساجد: الكعبة ومسجد الرسول، والمسجد الأقصى والطور".[أحمد].
4- عن عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لما فرغ سليمان بن داود من بناء بيت المقدس سأل الله خلالا ثلاثا: حكما يصادف حكمة، وملكا لا ينبغي لأحد من بعده، وألا يأتي هذا المسجد أحد لا يريد إلا الصلاة فيه؛ إلا خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه". فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أما اثنتان فقد أعطيهما، وأرجو أن يكون قد أعطي الثالثة". [أحمد والهيثمي].
5- عن ميمونة مولاة النبي صلى الله عليه وسلم قالت: "قلت يا رسول الله: أفتنا في بيت المقدس"، قال: "أرض المحشر والمنشر، ائتوه فصلوا فيه، فإن صلاة فيه كألف صلاة في غيره، قلت: أرأيت إن لم أستطع أن أتحمل إليه؟ قال: فتهدي له زيتا يسرج فيه، فمن فعل فهو كمن أتاه". [أحمد وأبو داود].
6- عن ذي الأصابع رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله: "إن ابتلينا بعدك بالبقاء أين تأمرنا؟ قال: "عليك ببيت المقدس، فلعله ينشأ لك ذرية يغدون إلى ذاك المسجد ويروحون".
[أحمد ، والهيثمي].
7- عن أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: "يا أبا ذر كيف تصنع إن أخرجت من المدينة؟ قال: قلت إلى السعة والدعة، أنطلق حتى أكون من حمام مكة، قال: كيف تصنع إن أخرجت من مكة؟ قال: قلت إلى السعة والدعة إلى الشام والأرض المقدسة، قال: وكيف تصنع إن أخرجت من الشام؟ قال: قلت والذي بعثك بالحق أضع سيفي على عاتقي". [أحمد، والهيثمي].
8- عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تزال عصابة من أمتي يقاتلون على أبواب دمشق وما حوله، وعلى أبواب بيت المقدس وما حوله، لا يضرهم من خذلهم ظاهرين على الحق - إلى أن تقوم الساعة".[أبو يعلى].
9- عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بينما أنا نائم إذ رأيت عمود الكتاب احتمل من تحت رأسـي، فظننت أنه مذهوب به، فأتبعـته بصري، فعمد به إلى الشـام، ألا وإن الإيمان حين تقع الفتن بالشام". [أحمد، والهيثمي].
10- عن أبي حوالة الأزدي رضي الله عنه قال: وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على رأسي أو على هامتي ثم قال: "يا ابن حوالة: إذا رأيت الخلافة قد نزلت الأرض المقدسة، فقد دنت الزلازل والبلايا والأمور والعظام، والساعة يومئذ أقرب إلى الناس من يدي هذه من رأسك".
[أحمد وأبو داود والحاكم].
11- عن عوف بن مالك قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك وهو في قبة من آدم فقال: "أعدد ستاً بين يدي الساعة: موتى ثم فتح بيت المقدس ثم موتان يأخذ فيكم كقعاص الغنم ثم استفاضة المال حتى يعطى الرجل مائة دينار فيظل ساخطاً ثم فتنة لا يبقى بيت من العرب إلا دخلته ثم هدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر فيغدرون فيأتونكم تحت ثمانين غاية تحت كل غاية اثنا عشر ألفاً ". [رواه البخاري].
12-عن أبي ذر رضي الله عنه قال : تذاكرنا - ونحن عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أيهما أفضل مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أم بيت المقدس؟، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صلاة في مسجدي هذا أفضل من أربع صلوات فيه ولنعم المصلى هو، وليوشكن أن يكون للرجل مثل شطن فرسه من الأرض حيث يرى منه بيت المقدس خير له من الدنيا جميعاً". أو قال: "خير له من الدنيا وما فيها".
[أخرجه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي وصححه الألباني].
13- قال صلى الله عليه وسلم: "عليكم بالشام فإنها صفوة بلاد الله، يسكنها خيرته من خلقه، فمن أبى فليحلق بيمنه، وليسق من غدره، فإن الله تكفل لي بالشام وأهله". [صحيح الجامع الصغير للألباني].
14- قال صلى الله عليه وسلم: "إذا فسد أهل الشام فلا خير فيكم، لا تزال طائفة من أمتي منصورين لا يضرهم من خذلهم حتى تقوم الساعة". [صححه الألباني].
15- قال صلى الله عليه وسلم:"إذا وقعت الفتن فالأمن بالشام. [صححه الألباني].
ومن تلك الأحاديث المذكورة وغيرها مما ورد في فضل المسجد الأقـصـى والأرض المقدسة، يظهر لنا علو منزلتهما في الإسـلام مما جعل لهما مساحة كبـيرة في أوراق الـتـاريخ الإسلامي منذ عهود النبوة وحتى آخر عصور الخلافة الإسلامية.
لقد حافظ المسلمون على مفاتيح القدس منذ استلمها عـمر بن الخطاب رضي الله عنه حتى جاء من المسلمين
من فرط فيها بضـعف إيمان وخذلان فذل ليهود واستسلم، ولن يكون التفريط حجة على المسلـمين أبد الدهر، ولن يوقف العزائم ويسلبها الحق ما كان في المسلمين إيمان وإسلام، وهذه بشارة النبي صلى الله عليه وسلم لأهل صلى الله عليه وسلم: "لا تزال عصبة من أمتي يقاتلون على أبواب دمشق وما حولها، وعلى أبواب بيت المقدس وما حوله لا يضرهم من خذلهم، ظـاهـرين على الحق إلى أن تقوم الساعة" فلن ينقطع الجهاد لاستلام مفاتيح الـقـدس ثانية، ولذا فإن بيعة الجهاد اليوم تنعقد بنية الجهاد لتخليص الأقـصى من أيدي يهود، فمن لم يحدث نفسه بغزو فهذه فرصته فليحدث نفـسه لغزو يهود صادقا من قلبه ليشهد بشارة النبي صلى الله عليه وسـلم، فيفوز بمنزلة الشهداء، وهو من تلك العصابة وإن مات على فراشـه قال صلى الله عليه وسلم :
"من سأل الله الشهادة بصدق، بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه" والصدق في سؤال الشهادة أن يجاهد بما يستطيع ما وسعه ذلك، فإن لم يستطيع ان يكون من تلك العصابة المشهود لها بالإيمان فليجاهد بما يجود من مال فهذا جهاده يعدل به جهاد من بذل نفسه، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه ولا يعذر بعد ذلك حبة خردل.
إن شأن القدس ومدينته ودولته شأن المسلمين كلهم لا شأن أهله فحسب بنص كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فإنهما قد جـعلا لكل مسلم حقا بجزء من تلك الأرض المباركة، يقابله واجب، هو واجـب النصرة بكل صوره، مهما تخاذل المتخاذلون أو استسلم المستسلمون، فالحجة تبقى قائمة مع الحق وأهله وعلى الظلم وأهله إلى يوم الدين.
وليأتين وعد الله، وعد الكرة الأخيرة للمسلمين على اليهود بعز عزيز، ولن يخلف الله وعده قال تعالى ((فَإذَا جَــاءَ وعْـدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُوا وجُوهَكُمْ ولِيَدْخُلُوا المَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَــرَّةٍ ولِيُتَبِّرُوا مَـا عَلَوْا تَتْبِيراً)) [الإسراء:7]
تاريخ بناء المسجد الأقصى المبارك
يعتقد أغلب العلماء أن الملائكة أو آدم عليه السلام هو الذي بنى المسجد الأقصى، بعد أن بنى المسجد الحرام بأربعين سنة، ففي الصحيحين من حديث أبي ذر الغفاري (رضي الله عنه) قال: "قلت يا رسول الله: أي مسجد وُضِع في الأرض أولا؟ قال المسجد الحرام. قلت: ثم أي؟ قال: المسجد الأقصى، قلت كم بينهما؟ قال: أربعون سنة" [البخاري ومسلم].
وبعد الطوفان الذي غمر الأرض في عهد نوح عليه السلام، لم يبق لبناء آدم أثر.
عهد النبي صلى الله عليه وسلم
أتى جبريل عليه السلام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبراق وهي الدابة التي كانت تحمل الأنبياء قبله، فركبها ثم خرج به صاحبه يريه من الآيات فيما بين السماء والأرض حتى انتهى إلى بيت المقدس فوجد فيه إبراهيم وموسى وعيسى في نفر من الأنبياء عليهم جميعا السلام، قد جُمعوا له فصلى بهم بعد أن ربط دابته (يعتقد المؤرخون أن المكان الذي ربط فيه البراق هو الحائط الغربي الذي يسميه اليهود حائط المبكى)، ثم صُعِد به عليه الصلاة والسلام إلى السماوات العلا، وقد كان المكان الذي صعد منه النبي صلى الله عليه وسلم خاليا وأقام أمير المؤمنين عمر بن الخطاب مكانه المسجد الأقصى حيث وجد بقايا السور الذي يعتقد أن النبي صلى الله عليه وسلم ربط فيه دابته: البراق.
في عهد الخلفاء الراشدين
دخل عمر بن الخطاب رضي الله عنه القدس من جهة جبل المُكَبِّر، الذي سمي بذلك لأنه عندما وقف عليه كبر وكبر المسلمون من خلفه، ويروي المؤرخون أنه بعد أن كتب العهدة العمرية، قال لصفرونيوس، كبير أساقفة النصارى: أرني موضعا أبني فيه مسجداً فقال: على الصخرة التي كلم الله عليها يعقوب، ووجد عليها ردماً كثيراً حيث كانت الإمبراطورة هيلانة قد أمرت بتدنيسها نكاية في اليهود، فشرع في ازالته، وتناوله بيده يرفعه في ثوبه، واقتدى به المسلمون كافة حتى أزالوه. وأمر ببناء المسجد. وجعل الصخرة في مؤخرته.
وقيل أن الذي دله على موضع بناء المسجد؛ هو كعب الأحبار، أحد كبار علماء اليهود الذين أسلموا وآمنوا بالنبي صلى الله عليه وسلم.
العصر الأموي
في ضوء الحفريات الحديثة التي جرت في الجهة الجنوبية للمسجد الأقصى، كشف النقاب عن الهيكل المعماري لدار الإمارة الأموية في بيت المقدس، من خلال البقايا المعمارية والأثرية لخمسة مبان ضخمة عبارة عن قصور وقاعات كبيرة، دلت وأكدت تاريخ الأمويين العريق في بيت المقدس.
ولقد غيرت هذه الاكتشافات الجديدة، نظريات وآراء عديدة فيما يخص تاريخ بعض المعالم الأثرية في الحرم الشريف، مثل الأثر الذي يعرف بإسطبل سليمان وباب الرحمة وغيرها، وكان قد علق في أذهان العديد من الباحثين والمختصين على أن تاريخ تلك المعالم يعود لفترات سبقت الفتح الإسلامي لبيت المقدس، ولكن ما أن ظهرت هذه المكتشفات الجديدة، حتى غيرت هذه الآراء والمفاهيم، فإسطبل سليمان نسبة إلى سليمان بن عبد الملك وليس إلى النبي سليمان.
وفي عصر الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان بدأت المسيرة المعمارية المباركة لتعمير بيت المقدس، فأمر ببناء قبة الصخرة المشرفة، وأوصى ابنه الوليد بن عبد الملك، الذي امتاز عهده بالرخاء وكثرة البناء، بإكمال هذه المسيرة، فقام ببناء المسجد الأقصى ودار الإمارة ومعالم أخرى.
وعلى الرغم من أن المصادر التاريخية لم تذكر وصف المسجد الأقصى في الفترة الأموية، إلا أنها أجمعت
على أن الخليفة الأموي الذي بنى المسجد الأقصى، هو الخليفة عبد الملك، أوابنه الوليد.
ومن الممكن أن يكون الخليفة عبد الملك قد بدأ البناء وأتمه الوليد.
ولقد كانت مساحة المسجد الأقصى المبارك في العهد الأموي أكبر بكثير مما هي عليه الآن، وظل المسجد قائما بتخطيطه الأصلي الأموي حتى سنة 130 هجرية/746 ميلادية، حيث تهدم جانبيه الغربي والشرقي جراء الهزة الأرضية التي حدثت في تلك السنة، كما حدثت اضطرابات في أواخر العهد الأموي، هدمت فيها بعض أسوار القدس.
الأمويون وقبة الصخرة
لقد بات معروفا تماما أنه تم الفراغ من بناء قبة الصخرة المشرفة عام 76 هجرية/ 691 ميلادية أي في فترة الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان (65-68 هجرية/ 684-705 ميلادية)، وذلك حسب النص المادي والموجود حتى يومنا الحاضر والذي يتمثل بالنقش التذكاري المعمول من الفسيفساء المذهبة بالخط الكوفي الأموي والواقع أعلى التثمينة الداخلية للقبة في الجهة الشرقية الجنوبية منها.
يقول النص: "بنى هذه القبة عبد الله عبد الله الإمام المأمون أمير المؤمنين في سنة اثنين وسبعين تقبل الله منه..." وهنا لا بد للقارئ أن يتساءل كيف تداخل اسم المأمون الخليفة العباسي (198-218 هجرية/ 813-83 ميلادية) مع التاريخ هجرية.
والجواب هنا أنه أثناء أعمال الترميم التي جرت في فترة الخليفة العباسي المأمون، قام أحد الفنيين بتغيير اسم "عبد الملك" الخليفة الأموي مؤسس وباني قبة الصخرة، ووضع مكانه اسم "المأمون" ولكنه نسي أن يغير التاريخ حيث تم اكتشاف الأمر بسهولة ولا نظن هنا أنه كان للمأمون رأيا في هذا الأمر، وإنما جاء الأمر من قبيل الاجتهاد على يد أحد الصناع. ولكننا نقول حتى ولو تم تغيير التاريخ فإنه من الصعب القبول به: ذلك أن التحليل المعماري لمخطط قبة الصخرة يعود بعناصره وزخارفه إلى الفترة الأموية، وليست العباسية إضافة إلى ما ورد في المصادر التاريخية من نصوص تؤكد على أن الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان هو نفسه الذي قام ببناء هذه القبة ووقف لبنائها خراج مصر لسبع سنين.
فلو أجرينا حسابات للمبالغ الطائلة التي أنفقت لبناء هذا المعلم الحضاري والذي رصد لبنائه خراج أكبر ولاية إسلامية (مصر) ولمدة سبع سنوات فإننا سنجدها اليوم تقدر بملايين الدولارات. وإن دل هذا على شئ فإنما يدل على الاستقرار والرخاء الذي كان يعم الخلافة الإسلامية في الفترة الأموية والتي تعكس تأثير القوم الاقتصادية لهذه الخلافة الإسلامية الحديثة أمام الإمبراطوريتين العظيمتين البيزنطية والفارسية في ذلك الوقت. وهذا يقودنا إلى السؤال عن السبب الكامن خلف بناء قبة الصخرة بهذه الفخامة والعظمة، فمما لا شك فيه أن السبب المباشر في بناء هذه القبة هو السبب الديني حيث لولا وجود "الصخرة" بالتحديد التي عرج عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، حسب ما هو مثبت في العقيدة الإسلامية لما ورد في القرآن الكريم والأحاديث الشريفة والروايات التاريخية المنقحة فلولا وجود هذه الصخرة كرمز ديني إسلامي ارتبطت بمعجزة الإسراء والمعراج لما قدم الخليفة عبد الملك بن مروان ليشيد هذه القبة فوقها.
وهذا يجعلنا نستبعد التبرير السياسي الذي أورده اليعقوبي، واتّهم فيه الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان بنية تحويل قبلة الحجاج عن الكعبة المشرفة في مكة المكرمة إلى الصخرة في بيت المقدس مانعا في ذلك مبايعة الحجاج لعبد الله بن الزبير في مكة. إذ لا يخفى عن بال كل فطين شيعية المؤرخ اليعقوبي ومدى معارضته للخلافة الأموية، مما جعله يكثر من تشويه صورتها أمام الخلافة العباسية.
فليس من المنطق إذن أن نقبل رواية مدسوسة على الخليفة الذي حكم فترة تزيد عن العشرين سنة وعرف عنه خلالها الحزم والحكمة السياسية وقوة الإرادة وبعد النظر والاهتمام بالعقيدة الإسلامية، فكيف يعقل لخليفة في مثل هذه الصفات وصاحب تاريخ عظيم أن يقدم على التلاعب بركن من أركان الإسلام (الحج) بهذه البساطة التي يرويها اليعقوبي.
ولكننا نتساءل هل كان ضروريا أن يبنيها بهذه العظمة والفخامة، إذ كان يستطيع أن يبنيها بشكل أبسط وغير مكلف، ولكننا إذا أمعنا النظر بالظروف التي أحاطت بتلك الفترة عشية بناء القبة وحللناها لوجدنا أن الخليفة عبد الملك بن مروان بناها بهذا الشكل لإظهار عظمة وقوة الخلافة الإسلامية الحديثة في حينها أمام القوتين العظميين الفرس والروم. ذلك أنه إبان الفتوحات الإسلامية لبلاد الشام كان السكان في هذه البلاد إما نصارى أو وثنيين ومنهم من دخل الإسلام مع الفتوحات. ولكنهم بقوا ضعفاء الإيمان فكيف لا وهم اعتادوا على رؤية الحضارة البيزنطية تتألق من خلال مبانيها الفخمة مثل الكنائس والقلاع وخاصة كنيسة القيامة في القدس الشريف وكنيسة المهد في بيت لحم. فما كان للخليفة الأموي إلا أن يبني هذه القبة العظيمة منافساً فيها العمارة البيزنطية وليبين ويثبت للسكان مدى قوة الدولة الإسلامية الجديدة.
وقد أكد هذا السبب المؤرخ الجليل المقدسي المتوفى عام 985م حينما وضحه أثناء مناقشته مع عمه بخصوص العمارة الأموية في عهد الخليفة عبد الملك بن مروان وولده الوليد، حيث يقول في ذلك ما نصه على لسان عمه : "ألا ترى أن عبد الملك لما رأى عظمة قبة القمامة (القيامة) وهيئتها، خشي أن تعظم في قلوب المسلمين فنصب على الصخرة قبة على ما ترى".
في عهد الدولة العباسية
إن ما شاع عن العباسيين أنهم لم يهتموا بالحرم الشريف وعمارته ليس صحيحا فقد تم ترميم المسجد الأقصى لأول مرة في عهد الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور، ولكنه ما لبث أن تعرض لهزة أرضية عنيفة ثانية في سنة 158 هجرية/774، أدت إلى تدمير معظم البناء، الأمر الذي جعل الخليفة العباسي المهدي، يقوم بترميمه وإعادة بنائه من جديد في سنة 163 هجرية/780 ميلادية وقد كان المسجد الأقصى في عهده يتألف من خمسة عشر رواقا، حسب ما جاء في وصف المقدسي.
وقد حافظ العباسيون قدر استطاعتهم على عمارته، دون تغيير ملموس في ذلك الطابع المعماري الذي نفذه الأمويون. ففي سنة 216 هجرية / 831 ميلادية زار الخليفة العباسي المأمون (198-218 هجرية / 813-833 ميلادية) بيت المقدس وكان قد أصاب قبة الصخرة شئ من الخراب فأمر بترميمه وإصلاحه، والأمر تطور على ما يبدو ليصبح مشروع ترميم ضخم اشتمل على قبة الصخرة المشرفة مما حدا بالمأمون أن يضرب فلسا يحمل اسم القدس لأول مرة في تاريخ مدينة القدس وذلك في سنة 217 هجرية كذكرى لإنجاز ترميماته ذلك.
وفي عهد الخليفة العباسي المقتدر بالله (295-320 هجرية / 908-932 ميلادية) في سنة 301 هجرية / 913 ميلادية، تمت أعمال ترميمات خشبية في قبة الصخرة اشتملت على إصلاح قسم من السقف وكذلك عمل أربعة أبواب خشبية مذهبة بأمر من أم الخليفة المقتدر، حيث تم الكشف عن ذلك من خلال شريط كتابي مكتوب بالدهان الأسود وجد على بعض الأعمال الخشبية في القبة، حيث كتب عليها ما نصه:
"بسم الله الرحمن الرحيم، بركة من الله لعبد الله جعفر الإمام المقتدر بالله أمير المؤمنين حفظه الله لنا مما أمرت به السيدة أم المقتدر بالله نصرها الله وجرى ذلك على يد لبيد مولى السيدة، وذلك في سنة إحدى وثلاث مائة".
في عهد الدويلات الإسلامية
(الطولونيين والإخشيديين والفاطميين)
في الفترة الفاطمية، تعرض المسجد الأقصى لهزة أرضية أخرى حدثت سنة 425 هجرية/1033 ميلادية، أدت إلى تدمير معظم ما عمر في عهد المهدي، حتى قام الخليفة الفاطمي الظاهر لإعزاز دين الله بترميمه في سنة 426 هجرية/1043ميلادية، حيث قام باختصاره على شكله الحالي وذلك عن طريق حذف أربعة أروقة من كل جهة، الغربية والشرقية، كما قام بترميم القبة وزخارفها من الداخل. وقد أشير لترميماته هذه من خلال نقشه التذكاري الموجود والذي جاء فيه ما نصه: "بسم الله الرحمن الرحيم نصر من الله لعبد الله ووليه أبي الحسن علي الإمام الظاهر لإعزاز دين الله أمير المؤمنين صلوات الله عليه وعلى آبائه الطاهرين وأبنائه الأكرمين أمر بعمل هذه القبة وإذهابها سيدنا الوزير الأجل صفي أمير المؤمنين وخاصته أبو القاسم علي بن أحمد بن أحمد أيده الله ونصره وكمل جميع ذلك إلى سلخ ذي القعدة سنة ست وعشرين وأربع مائة صنعه عبد الله بن الحسن المصري المزوق".
ثم تعرضت فلسطين لهزات أرضية عنيفة سنة 407 هجرية/1016 ميلادية، وأدت إلى إصابة قبة الصخرة وإتلاف بعض أجزاء القبة الكبيرة، حيث بدئ بترميمها في عهد الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله (386-411هجرية/966-1021 ميلادية) واستكمل الترميم في عهد ولده الخليفة الظاهر لإعزاز دين الله (411-427 هجرية/1021-1036 ميلادية). وقد اشتملت الترميمات على القبة وزخارفها وتمت على يدي علي بن أحمد في سنة 413 هجرية/1022 ميلادية، وذلك حسب ما ورد في الشريط الكتابي الواقع في الدهليز الموجود في رقبة القبة.
الاحتلال الصليبي
لما احتل الصليبيون بيت المقدس سنة 492 هجرية/1099ميلادية، قاموا بتغيير معالم المسجد الأقصى والذي استخدموه لأغراضهم الخاصة، منتهكين في ذلك حرمته الدينية، فقاموا بتحويل قسم منه إلى كنيسة والقسم الآخر مساكن لفرسان الهيكل، كما أضافوا إليه من الناحية الغربية بناء استخدموه مستودعا لذخائرهم.
وقد زاد استهتارهم وانتهاكهم لقدسية المسجد الأقصى عندما استخدموا الأروقة الواقعة أسفل المسجد الأقصى كإسطبلات لخيولهم، والتي عرفت منذ تلك اللحظة بإسطبل أو إسطبلات سليمان.
وقد ظل المسجد الأقصى منتهكا بهذا الشكل طوال فترة الغزو الصليبي لبيت المقدس، وحتى الفتح الصلاحي سنة 583/1187 ميلادية.
كما عانت قبة الصخرة كثيرا مثلما عانت معظم المساجد الإسلامية في فلسطين من الاحتلال الصليبي. فعندما احتل الصليبيون بيت المقدس سنة 493 هجرية / 1099 ميلادية، قاموا بتحويل مسجد قبة الصخرة إلى كنيسة عرفت بذلك الوقت باسم "هيكل السيد العظيم". فانتهكوا قدسيتها وبنوا فوق الصخرة مذبحا ووضعوا فيها الصور والتماثيل. مبيحين في ذلك ما حرمه الإسلام في أماكنه المقدسة. ومن الطريف بالأمر أن قساوسة ذلك الوقت اعتادوا على المتاجرة بأجزاء من الصخرة، كانوا يقتطعونها من الصخرة ليبيعوها للحجاج والزوار ليعودوا بهذه القطع إلى بلادهم بحجة التبرك والتيمن بها. وعلى ما يبدو أنها كانت تجارة رابحة جدا للقساوسة حيث كانوا يبيعون تلك القطع بوزنها ذهبا، الأمر الذي حدا بملوك الفرنجة إلى كسوة الصخرة بالرخام وإحاطتها بحاجز حديدي مشبك لحمايتها والإبقاء عليها خوفا من زوالها إذا استمر القساوسة بهذه التجارة.
في العهد الأيوبي
وفي سنة 583 هجرية / 1187 ميلادية، فتح الله على القائد صلاح الدين (564-589 هجرية / 1169-1193 ميلادية) باسترداد بيت المقدس وتطهير المسجد الأقصى من دنس الصليبيين حيث أمر صلاح الدين بتطهير المسجد والصخرة من الأقذار فطهرا. ثم صلى المسلمون الجمعة الأخرى في قبة الصخرة، وخطب محيي الدين بن زنكي قاضي دمشق بأمر صلاح الدين، وأتى في خطبته بعجائب من البلاغة في وصف الحال وعظمة الإسلام. ثم أقام صلاح الدين بالمسجد الصلوات الخمس إماماً وخطيباً، وأمر بعمل المنبر له فتحدثوا عنده بأن نور الدين محمود اتخذ له منبراً منذ عشرين سنة، وجمع الصناع بحلب فأحسنوا صنعته في عدد سنين فأمر بحمله ونصبه بالمسجد الأقصى.
وظل هذا المنبر قائما فيه حتى تاريخ 21 /8/ 1969م، عندما تم إحراق المسجد الأقصى المبارك على يد الحاقد مايكل روهان. وقد أتى الحريق على المنبر حتى لم يتبق منه إلا قطع صغيرة محفوظة الآن في المتحف الإسلامي في الحرم الشريف. ويعتبر المنبر من روائع القطع الفنية الإسلامية، وذلك لما امتاز به من دقة ومتانة في الصنع، وكذلك لما اكتنفه من زخارف إسلامية بديعة.
ثم أمره بعمارة المسجد واقتلاع الرخام الذي فوق الصخرة، والذي وضع في عصر الصليبيين لحماية الصخرة من القساوسة الذين لأن القسيسين كانوا يبيعون الحجر من الصخرة المشرفة. ثم استكثر في المسجد من المصاحف ورتب فيه القرّاء، ووفر لهم الرواتب. وتقدّم ببناء الربط والمدارس فكانت من مكارمه رحمه الله تعالى.
ومن أهم الترميمات التي أنجزت على يدي صلاح الدين، تجديد وتزيين محراب المسجد، حيث يشير إلى ذلك النقش التذكاري الذي يعلوه والمزخرف بالفسيفساء المذهبة حيث جاء فيه ما نصه: "بسم الله الرحمن الرحيم أمر بتجديد هذا المحراب المقدس وعمارة المسجد الأقصى هو/على التقوى عبد الله ووليه يوسف بن أيوب أبو المظفر الملك الناصر صلاح الدين والدنيا/ عندما فتحه الله على يديه في شهور سنة ثلاث وثمانين وخمس مائة/ وهو يسأل الله إذاعة شكر هذه النعمة وإجزال حظه من المغفرة والرحمة".
وقد تابع الأيوبيون بعد صلاح الدين، اهتمامهم في الحفاظ على المسجد الأقصى، حيث قام السلطان الملك المعظم عيسى، في سنة 614 هجرية/ 1218 ميلادية، بإضافة الرواق الذي يتقدم الواجهة الشمالية للمسجد الأقصى، والذي يعتبر اليوم الواجهة الشمالية نفسها للمسجد الأقصى. وقد أشير إلى تعميره من خلال النقش التذكاري الموجود بواجهة الرواق الأوسط منه والذي جاء فيه ما نصه:
"بسم الله الرحمن الرحيم أنشأت هذه الأروقة في أيام دولة سيدنا ومولانا السلطان الملك المعظم شرف الدنيا والدين أبي العزائم عيسى بن الملك العادل سيف الدنيا والدين سلطان الإسلام والمسلمين أبي بكر بن أيوب بن شادي خليل أمير المؤمنين خلد الله ملكهما وذلك في سنة أربع عشر وستمائة للهجرة النبوية وصلى الله على محمد وآله".
أما قبة الصخرة فقد قام صلاح الدين بتطهيرها وإعادتها إلى ما كانت عليه قبل الصليبيين وإزالة جميع بصماتهم التي وضعوها عليها، وقام بإزالة المذبح الذي أضافوه فوق الصخرة والبلاط الرخامي الذي كسوا به الصخرة والصور والتماثيل، وكذلك أمر بعمل صيانة وترميم لما يحتاجه المبنى، حيث تم تجديد تذهيب القبة من الداخل وذلك حسب ما نجده اليوم مكتوبا من خلال الشريط الكتابي الواقع بداخل القبة والذي فيه ما نصه: "بسم الله الرحمن الرحيم أمر بتجديد تذهيب هذه القبة الشريفة مولانا السلطان الملك العادل العامل صلاح الدين يوسف بن أيوب تغمده الله برحمته. وذلك في شهور سنة ست وثمانين وخمسمائة".
هذا ولم يغفل المجاهد صلاح الدين عن متابعة مبنى قبة الصخرة والحفاظ عليه، إذ رتب للمسجد إماما وعين لخدمته سدنة ووقف عليه الوقوفات لكي ينفق ريعها لصالح قبة الصخرة المشرفة.
وقد استمر الأيوبيون بعد صلاح الدين بالاهتمام بقبة الصخرة والحفاظ عليها، حيث تشير المصادر التاريخية إلى أن معظمهم كانوا يكنسون الصخرة بأيديهم ثم يغسلونها بماء الورد باستمرار لتظل نظيفة معطرة. كما أن الملك العزيز عثمان بن صلاح الدين (589-595 هجرية / 1193-1198 ميلادية)، قام بوضع الحاجز الخشبي الذي يحيط بالصخرة لحمايتها بدلا من الحاجز الحديدي الذي وضعه الصليبيون.
العهد المملوكي
لقد ساهم المماليك في المحافظة على المسجد الأقصى بشكل منقطع النظير، وذلك من خلال ترميماتهم الكثيرة والمتتابعة فيه. حيث تركزت وتمت في الفترة المملوكية الواقعة ما بين (686-915 هجرية/1287-1509 ميلادية) على يدي سلاطين المماليك نذكر أهمها:
1) السلطان المنصور سيف الدين قلاوون:
حيث قام بترميمات عديدة أهمها في سنة 686 هجرية/1286 ميلادية، والتي قام فيها بعمارة القسم الجنوبي الغربي من سقف المسجد الأقصى المبارك.
2) السلطان الناصر محمد بن قلاوون خلال سلطنته الثالثة:
حيث قام في سنة 728 هجرية/1327ميلادية، بصيانة وترميم قبتي المسجد الداخلية والخارجية، وقد أشير إلى ذلك بالنقش التذكاري (الكتابة الدائرية) الموجودة في رقبة القبة من الداخل والذي جاء فيه ما نصه:
"بسم الله الرحمن الرحيم جددت هذه القبة المباركة في أيام مولانا السلطان الملك الناصر العادل المجاهل المرابط المثاغر المؤيد المنصور قاهر الخوارج والمتمردين محي العدل في العالمين سلطان الإسلام والمسلمين ناصر الدنيا والدين محمد بن السلطان الشهيد الملك المنصور قلاوون الصالحي تغمده الله برحمته في شهور سنة ثمان وعشرين وسبعمائة".
3) السلطان الكامل سيف الدين شعبان:
حيث قام في سنة 746 هجرية/1345 ميلادية، بتجديد المسجد من الداخل وأبوبه، والذي أشير إليه في نقشه التذكاري الموجود في الواجهة الشمالية للمسجد.
4) السلطان الناصر ناصر الدين حسن خلال سلطنته الأولى:
حيث قام في سنة 751 هجرية/ 1350 ميلادية، بتجديد جناح للمسجد كان يقوم في الجهة الشرقية الشمالية منه، وذلك وفقا لما جاء بالنقش التذكاري الموجود في الرواق الشمالي للمسجد.
5) السلطان الأشرف سيف الدين إينال:
حيث قام في سنة 865 هجرية/1460 ميلادية، بتعميرات مختلفة في المسجد الأقصى، كما قام بوضع المصحف الشريف بالمسجد الأقصى ورتب له قارئا ووقف عليه جهة.
6) السلطان الأشرف سيف الدين قايتباي:
حيث قام في سنة 879 هجرية/1474 ميلادية، بتعميرات مختلفة في المسجد الأقصى، منها تجديد رصاص أسطحه وقبة المسجد الأقصى.
7) السلطان الأشرف قنصوه الغوري:
حيث قام 915 هجرية/1509 ميلادية بأعمال تجديدات في المسجد اشتملت على إصلاح رصاص السطح وبياض الجدران ودهان الأبواب وترميمها وغير ذلك، وذلك حسب ما ورد في نقشه التذكاري الموجود في المسجد.
المماليك والقبة المشرفة:
وفي الفترة المملوكية لم ينس سلاطين المماليك متابعة الاهتمام بقبة الصخرة والحفاظ عليها. فقد قام السلطان الملك الظاهر بيبرس (685-676 هجرية / 1260-1277 ميلادية) بتجديد الزخارف الفسيفسائية التي تكسو الأقسام العلوية الواقعة في واجهات التثمينة الخارجية وذلك سنة 669 هجرية / 1270 ميلادية. أما السلطان الناصر محمد بن قلاوون وفي فترة سلطنته الثالثة (709-741 هجرية / 1309-1340 ميلادية) والذي اعتبر من مشاهير سلاطين المماليك الذين اهتموا بالإنجازات المعمارية بصورة عامة، مثله مثل الوليد بن عبد الملك في الفترة الأموية، فقد قام السلطان ابن قلاوون بأعمال صيانة وترميم عديدة في قبة الصخرة نذكر منها: تجديد وتذهيب القبة من الداخل والخارج في سنة 718 هجرية / 1318 ميلادية وذلك حسب ما ورد بالشريط الكتابي الموجود في أعلى رقبة القبة الداخلية حيث جاء ما نصه: "بسم الله الرحمن الرحيم، أمر بتجديد وتذهيب هذه القبة مع القبة الفوقانية برصاصها مولانا ظل الله في أرضه القائم بسنته وفرضه السلطان محمد بن الملك المنصور الشهيد قلاوون تغمده الله برحمته. وذلك في سنة ثمان عشرة وسبع مائة". وكما أنه قام بتبليط فناء (صحن) قبة الصخرة المشرفة الذي يحيط بها.
وفي عهد السلطان الملك الظاهر برقوق وفي فترة سلطنته الأولى (784-791 هجرية/1382-1389 ميلادية)، تم تجديد دكة المؤذنين الواقعة إلى الغرب من باب المغارة مقابل الباب الجنوبي (القبلي) لقبة الصخرة، وذلك في سنة 789 هجرية/1387 ميلادية على يدي نائبه بالقدس محمد بن السيفي بهادر الظاهري نائب السلطنة الشريفة بالقدس وناظر الحرمين الشريفين، حسب ما ورد في النص التذكاري الموجود عليها. وفي عهد السلطان الملك الظاهر جقمق (842-857 هجرية/1438-1453 ميلادية)، ثم ترميم قسم من سقف قبة الصخرة الذي تعرض للحريق أثر صاعقة عنيفة.
وقد حافظ سلاطين المماليك على استمرارية صيانة وترميم قبة الصخرة والحفاظ عليها إما عن طريق الترميمات الفعلية أو عن الفعلية أو عن طريق الوقوفات التي كانت بمثابة الرصيد المالي الدائم لكي يضمن النفقات والمصاريف على مصلحة مسجد قبة الصخرة المشرفة. فعلى ما يبدو أنه في حال لم يكن هناك ترميمات، اهتم السلاطين برصيد الأموال اللازمة لها في حين الحاجة، فنجد السلطان الملك الأشرف برسباي (825-841 هجرية/ 1422-1437 ميلادية)، قد أمر بشراء الضياع والقرى ووقفها لرصد ريعها للنفقة على قبة الصخرة المشرفة، حيث جاء في النص الوقفي ما نصه: "جدده وأنشأه ناظر الحرمين الشريفين أثابه الله الجنة وهو مشتراه مما ثمره من مال الوقف من أجور المسقفات في كل شهر ألفا درهم خارجا عن تكملة جوامك المستحقين وما جدده وأنشأه من الحمام الخراب بحارة حواصل قرية العوجاء والنويعمة بالغور ومرتب الجرجان الواردين تمامه وأن يصرف جميع ما تحصل ذلك برسم عمارة المسجد الأقصى الشريف مهما حصل من ذلك يرصد حاصلا لصندوق الصخرة الشريفة أرصد ذلك جميعه برسم العمارة خاصة إرصادا صحيحا شرعيا بمقتضى المرسوم الشريف المعين تاريخه أعلاه ورسم أن ينقش ذلك في هذه الرخامة حسنة جارية في صحائف مولانا السلطان الملك الأشرف برسباي خلد الله ملكه على مستمرة الدوام ما تعاقبت الشهور والأعوام فمن بدله بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه ومضاف إلى ذلك فائض الزيت والجوالي اللهم من فضل هذا الخير وكان سبب فيه جازه الجنة والنعيم ومن غيره أو نقصه جازاه العذاب الأليم في الدنيا الآخرة".
العهد العثماني
لقد كان للعثمانيين دور هام في متابعة مسيرة المحافظة على المسجد الأقصى المبارك، حيث قام سلاطينهم بأعمال ترميمات ضخمة في المسجد الأقصى، كان أهمهم السلطان سليمان القانوني (969هجرية/1561 ميلادية) ، والسلطان محمود الثاني (1233 هجرية/1817 ميلادية) والسلطان عبد المجيد (1256 هجرية/1840 ميلادية)، والسلطان عبد العزيز (1291 هجرية/1874 ميلادية) والسلطان عبد الحميد الثاني (1293 هجرية/1876 ميلادية).
ونستطيع القول أن تاريخ بناء قبة الصخرة المشرفة قد دخل مرحلة جديدة وطويلة في الفترة العثمانية التي استمرت أربعة قرون، حيث لم تنقص أهمية المحافظة والصيانة لقبة الصخرة، بل قل إنها زادت وتضاعفت. فكان أول سلاطين العثمانيين الذين اهتموا بقبة الصخرة ورعايتها هو السلطان سليمان القانوني (926-974 هجرية/ 1520-1566 ميلادية)، الذب استطاع أن يصبغ قبة الصخرة بالفن العثماني من خلال مشروعه الكبير المشار إليه في نقشه التذكاري الموجود فوق الباب الشمالي لقبة الصخرة والذي اشتمل على استبدال الزخارف الفسيفسائية التي كانت تغطي واجهات التثمينة الخارجية والتي ظلت قائمة منذ الفترة الأموية، فترة تأسيس وبناء قبة الصخرة وحتى الفترة العثمانية، وقد استبدلت بالبلاط القاشاني المزجج والملون في سنة 959 هجرية/1552 ميلادية مما أكسب قبة الصخرة روعة وجمالا فائقين من الخارج كما هي الداخل. كما قام بتجديد النوافذ الجصية الواقعة في رقبة القبة وذلك في سنة 945 هجرية/1538 ميلادية.
ولقد حرص سلاطين العثمانيين بشدة خلال فترة توليهم الطويلة على استمرارية الحفاظ على مسجد قبة الصخرة، حتى أنهم قاموا بتشكيل لجنة لتختص بشئون إعمار قبة الصخرة والمسجد الأقصى، تألفت من شيخ الحرم وأمين البناء وأمين الدفتر.
ومن مشاريع الترميمات العثمانية المهمة تلك التي أنجزت في عهد السلطانين عبد المجيد الأول (1255-1277 هجرية/1839-1861 ميلادية)، حيث تم إنجاز أعمال ترميمات ضخمة استمرت مدة من الزمن، كلفت خزينة الدولة أموالا طائلة، حيث استدعى خبراء ومهندسون من خارج البلاد لتقوية وصيانة المبنى الأساسي للقبة وزخارفها من الداخل والخارج.
وفي عهد السلطان عبد الحميد الثاني (1293-1327 هجرية / 1876-1909 ميلادية)، تم كتابة سورة ياسين الموجودة حاليا في أعلى واجهات التثمينة الخارجية، وقد كتبت بالخط الثلث على القاشاني، كما أمر السلطان عبد الحميد بفرش مسجد قبة الصخرة المشرفة بالسجاد الثمين.
ومن الجدير بالإشارة إلى القبة الصغيرة التي تقوم إلى الغرب من مدخل المغارة والتي على ما يظهر أنها أضيفت في الفترة العثمانية والتي عرفت بحجرة شعرات النبي عليه السلام، وقد قال المؤرخ المقدسي الجليل عارف العارف بخصوصها ما نصه: "... وقد عهد إلى آل الشهابي من الأسر القديمة في بيت المقدس بمهمة الاحتفاظ بهاتين الشعرتين من شعر النبي ويحتفل القوم بها مرة في كل سنة،.. في اليوم السابع والعشرين من شهر رمضان...".
الاعتداءات الصهيونية على المسجد الأقصى
في عام 1967:
1) في السابع والعشرين من يونيو عام 1967 عقد في القدس مؤتمر لحاخامات اليهود في العالم، ناقشوا فيه موضوع القدس والهيكل، وطالب الحاضرون بالإسراع في عملية إعادة بناء الهيكل الثالث.
2) في الخامس عشر من أغسطس عام 1967م دخل حاخام إسرائيل وجيشها (شلومو غرين) مرتديا الزي العسكري إلى ساحة المسجد الأقصى يرافقه عشرون من ضباط الجيش ، وهرع داخل الساحات ملوحا برشاش كان معه ، ومجريا القياسات هنا وهناك ، ثم اصطف معه ضباط الجيش لتأدية الشعائر اليهودية .
3) في الحادي والثلاثين من أغسطس عام 1967 استولى جيش اليهود على مفتاح باب المغاربة لتيسير الدخول إلى حائط المبكى كلما أرادوا ، وكان ذلك بإيعاز من (شلومو غرين) الحاخام الأكبر لجيش الدفاع الإسرائيلي.
في عام 1969:
4) في الحادي والعشرين من أغسطس عام 1969 أوعزت جهات يهودية لسائح أسترالي من أصل يهودي اسمه (مايكل دينيس روهان) لإشعال النار في المسجد الأقصى توطئة لهدمة وإزالته، وبناء الهيكل على أنقاضه، وقد أسفرت الجريمة عن إحراق السطح الشرقي الجنوبي للمسجد، ومنبر صلاح الدين الأيوبي بأكمله.
في عام 1976:
5) في الثلاثين من يناير عام 1976 أقرت إحدى المحاكم الإسرائيلية حق اليهود في الصلاة بساحات الأقصى في أي وقت يشاءون من النهار، وذلك بعد أن برأت 40 يهوديا اتهموا بالدخول عنوة داخل المسجد الأقصى، مرددين الأناشيد اليهودية مما تسبب في وقوع اشتباكات بينهم وبين المسلمين عند ساحة الأقصى.
في عام 1980:
6) في الأول من مايو عام 1980 جرت محاولة لنسف المسجد الأقصى عندما اكتشف بالقرب من المسجد الأقصى أكثر من طن من مادة (تي إن تي) شديدة الانفجار، فوق أسطح إحدى المعابد اليهودية القريبة من الأقصى، واكتشفت متفجرات أخرى في مدرسة (باشيفا) اليهودية للغرض نفسه، وقد حوكم في هذه القضية الإرهابي مائير كاهانا، الذي قتله البطل المصري سعيد نصير في نيويورك بعدها بأعوام.
في عام 1981:
7) في التاسع من أغسطس عام 1981 تجمهر 300 من جماعة جوش إيمونيم عند المسجد الأقصى، وكسروا قفل باب الحديد، وأدوا الشعائر اليهودية بشكل استفزازي للمسلمين.
في الخامس والعشرين من أغسطس عام 1981 أعلنت الهيئات اليهودية الدينية عن اكتشاف نفق يبدأ بحائط البراق ويؤدي إلى فناء المسجد الأقصى، وأعلنوا أن لذلك علاقة بالهيكل الثاني، وبدأوا عمليات حفر هددت جدران المسجد بالانهيار.
في عام 1982:
9) في عام 1982 قام (يرئيل لرنر) وهو من نشطاء حركة كاخ بمحاولة لنسف مسجد الصخرة المشرفة، وكان قد جمع عددا من الشباب الصغار ضمن حركة سرية، ووضع خططا لنسف المساجد الإسلامية الأخرى بالمنطقة.
10) قام الرابي (أرنيل) من الكلية المدنية في كريات أربع في عام 1982 بمحاولة لاقتحام المسجد الأقصى مع مجموعة من طلابه يبلغون عشرين شخصا.
11) في الثاني من مارس عام 1982 قام خمسة عشر شخصا من جماعة أمناء جبل الهيكل باقتحام أحد الأبواب الخارجية للمسجد الأقصى (باب السلسلة) وكانوا مزودين بالأسلحة النارية، واعتدوا على حراس المسجد في الداخل فاشتبكوا معهم، وأصيب أحد الحراس المسلمين بطعنة في جانبه الأيسر، وفي اليوم التالي قام المسلمون بإضراب شامل في القدس احتجاجا على هذه الاستفزازات، واجتاحت المظاهرات مدن الضفة الغربية ونابلس وبيت لحم.
12) في الثالث من مارس عام 1982م أقدمت مجموعة من الشباب اليهودي المتدينين على اقتحام المسجد الأقصى عبر باب الغوانمة، فتصدى لهم الحرس المسلمون، وحدث اشتباك أصيب فيه أحد الحراس المسلمين، ولما حضرت الشرطة الإسرائيلية اعتقلت الحارس المصاب واستجوبت الحراس الآخرين.
13) في الثامن من إ