بقلم : أ. نائلة نزال مشرفة تربوية في مديرية التربية والتعليم قلقيلية
عندما تقتحم القضايا الجادة والمؤثرة في التعليم،تكون هنالك ضرورة ملحة لمواجهة تحديات التكتلات الإقتصادية والثقافية، وتكون الثروة البشرية أغلى ما نملك لتحقيق الآمال المنشودة، وفي ظل انبثاق العديد من التيارات الفكرية من رحم الحداثة.... النتاج لذلك تغيير الإنسان بشكل جذري، لا في شكله الخارجي وإنما في أفكاره ومعتقداته وسلوكه وتعامله والإتصال والتواصل معه، حيث أن ما يتلقاه من المعرفة قديما سواء في الطريقة أو الأسلوب لا يؤدي أكله اليوم ، بمعنى أن طفل اليوم يختلف عن طفل الأمس.
لذلك فإن الاتجاهات الحديثة تدفع التربويين إلى رحلة البحث عن المعنى في كل شيء لتصبح الفلسفة التربوية وأهدافها طالبا ومعلما ومناهج وطرق تدريس تحت أسئلة المراجعة الشاملة.
تنطلق الفلسفة التربوية من ثلاثة ركائز أساسية:
1. توفير مصادر تربوية جديدة تتلاءم مع الرغبة في إحداث التغيير المنشود.
2. التطبيع والانصهار في الثقافة الجماعية للفرد أي تطويع وإدارة شؤون الحياة كافة والتحكم بالذوات التابعة التي تشكلها.
3. بناء عالم الطالب الداخلي والذي يستقي التعليم على شكل أنشطة واستقصاء أي يهتم باحتياجات الفرد لنموه مع ضرورة أن يكون هذا هو النمو منغمسا في الوعي الجماعي في جوهره ومتفاعل معه.
ولكي يكون دور المؤسسة التربوية فاعلا لابد أن ينبع جوهر التغير في المضامين التربوية المرتبطة مع الواقع الثقافي من الأسس الآتية:
1. تقريب المؤسسة التربوية من المجتمع وتعميق دورها بشكل فاعل بحيث يرتقي من تأثير ينشئ فردا، إلى تأثير يبني مجتمعا.
2. التأكيد على قضايا الإنسان والمجتمع والتأهيل التكنولوجي للتعامل مع المتغيرات.
3. اعتماد مبدأ تكامل المعرفة وربطها مع تجربة الناس وواقعهم المجتمعي وبناء الإنسان والشخصية الفاعلة.
4. تخطيط واع يرتبط مع احتياجات المجتمع والقرارات الواقعية لواقع التنمية والثقافة الراهنة والمستقبلية.
إن الإنسان لا يرضى بالتغيير إلا إذا أتيح له أن يساهم فيه مساهمة فاعلة، من هنا نسلط الضوء على التطورات الحديثة في دور المؤسسة (المدرسة) والمعلمين والطلاب في التغيير.
دور المدرسة
إن تحديد الهوية التنظيمية للمدرسة من خلال المهام الأساسية للقائد التربوي حيث تعرف المدرسة عن نفسها من خلال ما طورته من تفاهم حول أهدافها، وإيمان أعضائها بجدية توجههم ونجاعة تأثير أدائهم الموجه نحو أهداف محددة ومعايير يمكن استنشاقها في الفضاء المدرسي.
ومن أهم علامات نجاح المدرسة ذات الهوية وميزاتها:
• التفاف الأهل والطلاب والمعلمين حولها والسعي لرقيها ودعم توجهها.
• السيطرة التامة على مجريات الأمور رغم تعددها وهو أكثر ما يميزها عن باقي المدارس المحيطة بها.
• التماسك القائم بين أهدافها وقيمها وحاجاتها وقراراتها وأفعالها
• الشراكة بين أعضائها وتوحد توجههم.
• بناء ثقافتها على قيم واضحة منها القيم الأخلاقية والفكرية والجماعية والسياسي (الإلتزام والمصلحة العامة وسيادة القانون).
*إن تحديث مفهوم الإدارة مدخل لتطوير التعليم حيث أن الرؤية الحديثة للإدارة في المؤسسة التعليمية :عبارة عن منظومة متكاملة شاملة تستهدف القيام بعمليات تخطيط وتسيير وتقويم للموارد البشرية والمادية المتاحة والتوصل إلى اتخاذ القرارات التي هي لب العملية الإدارية والتي يؤدي تطبيقها إلى إنجاز الأهداف المرجوة.
و من هنا يأتي التغيير في الأدوار :
1. دور القائد(المدير):القيادة:هي العملية التي يتم من خلالها التأثير على سلوك الإفراد والجماعات لدفهم للعمل برغبة واضحة لتحقيق أهداف محددة.
1.الهدف الأخلاقي: ينبغي هذا الهدف أن يوجه القائد في عمله وتصرفاته عندما ينوي أن يقوم بعمل ايجابي يؤدي إلى تحسين ظروف موظفيه وطلابه.
2. فهم عملية التغيير: ينبغي أن يجمع القائد بين التزامه بالهدف الأخلاقي وتفهمه للتعقيدات الناشئة عن التغيير لذلك لابد أن يفهم القادة عملية التغيير من خلال ست بنود وهي:
• الهدف ليس تغيير كل شيء وهناك مدراء يغيرون أفكارهم كما يغيرون ملابسهم لذلك ينبغي البدء بتطبيق فكره ما والتأكد من نجاحها قبل التفكير في تطبيق فكره جديدة.
• لا يكفي أن يكون لدى القائد فقط أفضل الأفكار: فبعض المدراء لديهم أفضل الأفكار ولكنهم لايستطيعون تسويقها للعالمين معهم، لأنهم إذا لم يؤمنوا بها أو يشاركوا في طرحها فلن يطبقوها وسيرفضونها.
• قَّدر الصعوبات المبكرة التي قد تواجهها عند تجريب شيء جديد : الطبيعة الإنسانية تشعر بالقلق دائما عند القيام بشيء جديد، وتظهر هنا براعة القادة الذين يستطيعون توجيه الآخرين والخروج بهم سالمين من مشكلات تطبيق التغيير.
• النظر إلى مقاومة التغيير باعتبارها قوة إيجابية: المقاومة تفيد تنفيذ التغيير ، لأن في اختلاف الآراء تعبير عن عملية ديمقراطية تدفع التغيير إلى الأمام ولذلك ينبغي احترام الأشخاص الذين يبدون مقاومة للتغيير وإلا فإنهم سوف يعبرون عن أنفسهم فيما بعد بطرق أكثر سلبية.
• التغيير يعتمد على القدرة على تغيير الثقافة السائدة: تغيير الثقافة وإحداث تحول فيها هو الفكرة الرئيسة في التغيير الناجح، والتحول في الثقافة يضفي بعدا أخلاقيا على عملية التغيير، وهي عملية صعبة تتطلب وقتا وجهدا كبيرين من قبل المديرين.
• التغيير عملية شديدة التعقيد: فالقيادة تنطوي على مجموعة معقدة من المهارات وتتطلب التعامل مع المواقف الصعبة حيث أن كل قائد يمكن أن يتعامل مع موقف معين بطريقة تختلف عن غيره ويتوصلون إلى نتائج طيبة فالقيادة عملية معقدة وبالتالي فأن عملية التغيير تكون أكثر تعقيدا.
2.بناء العلاقات:
القائد الناجح هو الذي يستطيع بناء علاقات إيجابية بين جميع عناصر العمل خصوصا مع الأفراد والجماعات المختلفة عن بعضها البعض وعن من يقوم بالتغيير، وبذلك فإنهم يقيمون تفاعلا هادفا بناء يمكنهم من التوصل اتفاق عام بسهولة.
4.خلق المعرفة والمشاركة:
إن من أهم أدوار القائد الناجح في عملية التغيير هو زيادة المعرفة داخل وخارج مؤسسة وكيفية ربط هذه المعرفة بثلاثة عناصر وهي:
أولا: إن الناس يشتركون بالمعرفة إذا شعروا بالالتزام الأخلاقي.
ثانيا:إذا كانت ديناميات عملية التغيير تدعم المشاركة.
ثالثا: إن تحويل المعلومات إلى معرفة هو عملية اجتماعية ولتحقيق ذلك نحن بحاجة إلى علاقات.
5.صنع التماسك:
قد تتعرض عملية التغيير للعديد من التعقيدات والغموض وعدم التوازن فالقيادة الفعالة تسعى إلى التماسك والترابط.
*هناك ست مزايا للقيادة المدرسية وهي:
1.بناء رؤية تربوية أخلاقية واضحة وتحديد ما تريد أن تحققه .
2. القائد الناجح يعمل إلى جانب زملائه في صلب الأشياء.
3. احترام استقلالية المعلمين والحفاظ على طاقاتهم من الواجبات المتفاقمة .
4. النظر إلى ما بعد الحدث والواقع ، يبادر التغيير ويحضر التنظيم.
5. القائد الناجح عملي بوسعه الوقوف على أولويات العمل.
6. يتابع المستجدات ويوضح دائما الأهداف التربوية والتي تمثل الأهداف الأخلاقية للمدرسة.
بإمكان القائد تحقيق النجاح في مدرسته من خلال:
1. التنظيم لأجل الغايات والأهداف: المدرسة تبني عملها حسب غايات ولأهداف وأولويات.مثال:تحديد عدد الطلاب الناجحين وتحديد سبل لتحقيق تلك الغاية.
2. انتهاج العقلانية في العمل بدا من العاطفة: تحديد توقعات يومية للطالب ودعوته إلى استخدام أساليب وأدوات التفكير العلمي وإذا توقعنا أن على كافة طلاب المدرسة التعلم بأعلى المستويات ، لبلوغ تلك الغاية علينا العمل بانسجام ومهنية ومتابعة المعلمين والأهل والطلاب أنفسهم.
زيادة الدعم المادي للتربية :
من مهام القائد التربوي بالعمل بحنكة وبأقل مجهود لدفع أصحاب الأموال والمصالح التجارية زيادة الادخار والدعم المادي فيما يخدم عملية التربية والتعليم عامة والمدرسة خاصة على أن يزداد الناتج كلما زاد الدعم ويتم بذلك تعظيم النجاح وإبرازه وتعظيم العمل الذي يتلاءم مع معايير وأوليات المدرسة.
تدعيم القيادة في مستواها الفكري :
خلق معايير وأطر عمل واضحة وتنمية ودعم مبادرة الأفراد في المستويين الفكري والتنفيذي مما يؤدي إلى تقييم صادق ضمن معايير محددة يقصد منها تقييم المعلمين والطلاب وتثمين جهودهم على أن لا يتخلل ذلك تدوير لبعض الزوايا لما له من انعكاس على صدق التقييم وتقدير العاملين وإيمانهم بتلك المعايير.
على صدق التقييم وتقدير العاملين وإيمانهم بتلك المعايير.
كما أن القائد الذي يهتم بتنمية قيادات محلية يمكنه تحقيق التغيير المستمر ورسم سياسات النجاح والتقدم وتحقيق الأهداف.
المساءلة الحكيمة: أي التحدث مع الآخرين حول الأفكار وتطوير العمل من أوليات التعلم، والحديث عن التعليم الصفي لابد أن يصطحب بالتقييم والمساءلة الدائمين، يفرض مناقشة السبل الكفيلة لتحقيق الأهداف بدلا من تشابك المسؤوليات لتبرير عدم الوصول، كما أن المسائلة هي ضرورة وليست خيارا، وهي استراتيجية علمية تركز الطاقات والموارد فيما يخدم وينهض بتعلم الطلاب واستعمالنا اليومي للقياس والتقييم في التربية هو ضرورة أيضا.
التفكير والمنهجية في حل المشاكل من ميزات القرن الحادي والعشرين والهدف تعليم الطلاب التفكير بمنهجية واستعمال الأدوات العلمية وأسلوب التفكير العلمي للوصول إلى الحقائق أي أن التعلم من خلال البحث الدائم في عصر استبدلت فيه الحقيقة النسبية بالحقيقة المطلقة لابد من تثبيت أدوات البحث العلمية بدلا من أساليب الرد.
الهدف الضميري: إن الهدف الأخلاقي يؤسس لعلاقة وطيدة وهادفة تؤدي إلى الانسجام بين مبادرة التغيير وتثبيته، وفي ظل غياب الهدف الأخلاقي يتعذر قيادة التغيير لان تثبيت التغيير يتطلب طاقات جماعية للكوادر التربوية والتي يحسن التفافها وتكاتفها حول هدف ضميري مثل زيادة التوقعات وسد الفجوة في كل ما يتعلق بتعلم الطلاب، والتعامل مع الآخرين باحترام، وخدمة متواصلة للبيئة الاجتماعية والعمل الدءوب فالأخلاق التنظيمية هي القدرة على الفوز في تحقيق الأهداف والمهام التربوية والاجتماعية والثقافية.
سياسة تنظيمية موحدة:
يقع جميع القادة في فخ الاعتقاد بوضوح الأهداف وقدرتها على النفاذ إلى كافة أعضائها، فكل مؤسسة تهدف إلى تحقيق الأداء الجيد إلا أن الوقت والموارد المتوفرة والطاقات البشرية هي مُدخلات محدودة الكم والكيف، لذلك يجب تسخير الُمدخلات نحو أهداف واضحة بفعل سياسة تنظيمية موحدة فكل استراتيجية وسياسة يتوقف تحقيقها على نوعية الموارد ونجاحها على السياسة وسياسة يتوقف تحقيقها على نوعية الموارد ونجاحها على السياسة والاستراتيجية في الوصول للأهداف بأقل طاقة ومُدخلات ممكنة.
توضيح دائم للتوقعات: إذا توقعنا أن على كافة طلاب المدرسة التعلم بأعلى المستويات إذا علينا العمل لبلوغ هذه الغاية، بتعاون ومشاركة ومتابعة بين كل الأهل وقادة التعليم والطلاب أنفسهم بالدرجة الأولى، لذلك فإن على القادة ضرورة بناء القنوات وتعزيز سبل الحوار والنقاش الدائم، والتحديد للأهداف والالتفاف حول تحقيقها.
دور المعلمين في التغيير
1) إعداد بيئة تعليمية داعمة من خلال التعرف على الوعي الذاتي للمعلم.
2) المشاركة الفاعلة في عملية التغيير من خلال تعظيم آراء الطلاب وردودهم، ليس بهدف تلبية رغباتهم وإنما لإشراكهم في مرحلتي البحث والتنفيذ وخلق بيئة من الحوار والمسؤولية.
3) صنع التماسك بين مبادئ المدرسة والنشاطات الصفية، أي يقوم المعلم بترجمة مبادئ الإصلاح المدرسي إلى سلوكيات تعليمية في داخل الغرفة الصفية.
4) المعلم هو القدوة في سلوكه وردود أفعاله ويشكل المرجعية والتقليد الخفي من قبل الطلاب، وهو المعلم الفعال الذي تتحدد فاعليته بمستوى أدائه في مختلف المواقف التي يتطلبها عمله وقدرته على اختيار البدائل التي تجعل تدريسه ناجحا.
5) منح السلطة والقيادة للمعلم في التغيير يؤدي إلى تنمية القيادة الجماعية للمعلمين والمسؤولية المشتركة نحو النهوض بالمدرسة.
6) تعزيز وتطوير قدرة الطالب على التعلم، ومضاعفة قدرته الكامنة في تطوير استراتيجيات البحث والتنقيب والوعي لتعدد اكتساب المعرفة ونقدها والتشجيع على تفسيرها.
7) العمل على تنمية مهارات التفكير لدى الطلاب من خلال:
1- منح الصف فرصة المشاركة في المشكلة وحلها بشكل جماعي، عندئذ يكون دور المعلم موجه ومشرف وداعم لإيجاد حلول وليدة الحالة.
2- تطوير الوعي بمراحل التفكير.
3- الإحاطة بالجوانب ذات الحاجة الملحة للتغيير والتطوير وذلك بالمشاركة الفاعلة في انتقاد وتحديد الآليات والأوليات ووضع استراتيجيات التغيير وتهيئة مناخ الأحداث وتثبيت التغيير والتطوير على مستوى الصف ومن ثم المدرسة.
المعلم الناجح يشارك طلابه في عملية تقييم التعليم، ويساعد المتعلمين في كيفية التعلم من خلال تهيئة بيئة تعليمية وتمكين الطالب أن يتعلم كيف يتعلم.
9) التنمية والتطور المهني للمعلم يزيد من نجاحه وينعكس على نظرائه في العمل الجماعي والمشاركة المهنية في التخطيط والتنفيذ والتقييم.
دور الطلاب في التغيير:
1) مشاركة الطلاب في عملية التعلم، والتعليم في فرق تعلم أي ضمن المجموعات.
2) تعميق العمل الجماعي بين الطلاب وتوزيع الأدوار والمسؤوليات بينهم.
3) مشاركة الطلاب بشكل فاعل في تقييم نتاج عملية التعليم.
4) منح الطلاب دورا تشاركي وجماعي في عملية التقييم والزيادة في دور التقييم التكويني، ويوجه الطالب لتنمية أدائه وتعميق عقلية النهوض به.
• هناك ضرورة لتبني رؤية جديدة لتحديث التعليم، من خلال المشاركة الفعالة للقيادة التربوية في مختبر صنع المستقبل، حيث انه من الضروري أن نصنع التغيير المستقبلي بإرادتنا، قبل أن تجرفنا الأحداث والمتغيرات المعلومة والمجهولة نحو خيارات لا حول لنا ولا قوة في التعامل معها.