سأعود لبلدي برغم الحصار والجدار والدمار

سأعود لبلدي برغم الحصار والجدار والدمار


اعداد الاستاذ عبد العزيز عرار

انظر إليك يا قرة عيني ويا مهجة فؤادي ويا موطني الأول يا بلدي يا بلد آبائي وأجدادي يا من تسكنين على هاتيك الرابية يا بلدي التي أشاهدك صباح مساء وفي نهاري وليلي وفي جلوسي وترحالي .يابلدي ما أجملك وأنت تحيط بك أشجار الصبار والتين والجميز وفي سهلك الرمل الأحمر مصدر الخصب والحيوية وأنا أتذكر حبات البطاطا والطماطم ولكن أصحاب السوالف الشقراء والحمر أقاموا مستوطنتهم قرب هذا المكان ومع أن البيوت الجديدة ذات السقوف الحمراء أضافت رونقا للمكان وجمالا ساحرا وهي عامرة بالحركة والنشاط وعلى أبوابها تمترست دبابة وفي وسط الشارع كانت حركات الغرباء وعرباتهم ولكنهم تعاونوا مع بعضهم ودار الزمان معهم.
ولكن هذه القرية التعاونية أو(الموشاف) كان كالغيمة السوداء تخبيء شيئا ما كما هو الجدار الفاصل والعازل وكلاهما يقف على مسافات من الزمن والتاريخ الفلسطيني في نكباته سنة 1948 و1967 و1994 و2002م.
يا جدار الفصل ويا جدار الكراهية ويا جدار العزل والحقد ويا أيتها الغيمة السوداء أتظنين أني أنسى قاقون وكفر سابا ومسكة ويازور وسيدنا علي وجميع ما دمرته يد الأعداء من قرى ومدن وغابات وعزب وخرب.
سأظل أقاوم وأمارس حرياتي وأنا موجود وغير موجود طالما لا يقاوم من كان يظن أني سأتحول لهندي احمر فهو مخطيء سأبقى أقاوم ولا أساوم رغم الذي يختبيء خلف جدار الزمن جدار الصمت والحزن وقلب قاس لا يرحم.
يا من تحاول تأخير الزمن ووقف عقارب الساعة وحجز الرؤيا ومدى الإبصار أتظن يا عدو التاريخ والجغرافيا أن عيوننا لا تصل لهاتيك الروابي مثلما منعت وصول أقدامنا إليها.
يا هذا المتسربل بالغيمة أراك لم تأت بحبات المطر أو قطرات الندى وكان قدومك كارثة وعملك نكبة ومصيبتك انك صنعت جدارا ليحجز الشمس ومدى الرؤيا . يا عدوي أنسيت أن ارتفاع الجدران وطولها لا يحجب عنا ذكرى الوطن ومراتع الصبا.
إن خرائط الجغرافيا الجديدة وتقسيماتها والكانتونات التي تقيمها والعوائق التي تتفنن في صنعها والحواجز التي تنتهك فيها كرامتنا لن تمنع حالة تواصلنا وزيارتنا لمن شرقيه وغربيه .
إلا تفهم يا عدو الله ويا عدو الحرية إن الحرية ليست وجودا ماديا بقدر ما هي انتماءا وإحساسا ووعيا بالضرورة ،فلا نظريات التفكيك والتجزئة بقادرة على فصلنا.
سيبقى شعبنا يتذكر جرحه النازف ولن ينسى بلده ووطنه ووحدته ومصيره وتطلعه المشترك ولابد يوما أن يهدم الجدار وينظر خلف الغيمة ليأتينا الفارس العربي والمسلم من أمثال سعد بن أبي وقاص وخالد بن الوليد وصلاح الدين الأيوبي وحتما ستفيض مياه الغمر العربية والإسلامية ذات يوم لتحمل سفينة العودة إلى بلدي وسأعود يا عدوي إلى وطني شئت أم أبيت يا عدو الحرية والوحدة والتقدم الحضاري.