منتديات النبراس التعليمية
دور فلاحي جبل نابلس في ثورة 1936ـ 1939 اعداد : أ.عبدالعزيزعرار/باحث ومشرف تاريخ 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة النبراس التعليمية
سنتشرف بتسجيلك
شكرا دور فلاحي جبل نابلس في ثورة 1936ـ 1939 اعداد : أ.عبدالعزيزعرار/باحث ومشرف تاريخ 829894
ادارة المنتدي دور فلاحي جبل نابلس في ثورة 1936ـ 1939 اعداد : أ.عبدالعزيزعرار/باحث ومشرف تاريخ 103798
منتديات النبراس التعليمية
دور فلاحي جبل نابلس في ثورة 1936ـ 1939 اعداد : أ.عبدالعزيزعرار/باحث ومشرف تاريخ 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة النبراس التعليمية
سنتشرف بتسجيلك
شكرا دور فلاحي جبل نابلس في ثورة 1936ـ 1939 اعداد : أ.عبدالعزيزعرار/باحث ومشرف تاريخ 829894
ادارة المنتدي دور فلاحي جبل نابلس في ثورة 1936ـ 1939 اعداد : أ.عبدالعزيزعرار/باحث ومشرف تاريخ 103798
منتديات النبراس التعليمية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدي علمي يهدف الى تبادل الخبرات بين معلمي مبحث الاجتماعيات
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 دور فلاحي جبل نابلس في ثورة 1936ـ 1939 اعداد : أ.عبدالعزيزعرار/باحث ومشرف تاريخ

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم رياض
*****
*****



عدد المساهمات : 51
تاريخ التسجيل : 27/02/2012

دور فلاحي جبل نابلس في ثورة 1936ـ 1939 اعداد : أ.عبدالعزيزعرار/باحث ومشرف تاريخ Empty
مُساهمةموضوع: دور فلاحي جبل نابلس في ثورة 1936ـ 1939 اعداد : أ.عبدالعزيزعرار/باحث ومشرف تاريخ   دور فلاحي جبل نابلس في ثورة 1936ـ 1939 اعداد : أ.عبدالعزيزعرار/باحث ومشرف تاريخ I_icon_minitimeالأحد نوفمبر 18, 2012 2:08 am

دور فلاحي جبل نابلس في ثورة 1936ـ 1939


اعداد : أ.عبدالعزيز أمين موسى عرار/باحث ومشرف تاريخ
مديرية التربية والتعليم /قلقيلية




اسم البحث المقدم: دور فلاحي جبل نابلس في معمعة الثورة العربية الفلسطينية الكبُرى 1936ـ 1939 .



بحث مقدم لمؤتمر تجليات حركة التاريخ في مدينة نابلس
















ملخص
جاءت هذه الدراسة بعنوان: " دور فلاحي جبل نابلس في معمعة الثورة العربية الفلسطينية الكبُرى 1936ـ 1939" .وتتعلق الدراسة البحثية بمنطقة جبال نابلس أو ما أطلق عليه جبل النار ولاحقا باسم "مثلث الرعب" في زمن الثورة العربية الفلسطينية الكبرى والتي استغرقت ثلاثة أعوام .

اتبع المؤلف في دراسته أسلوب الوصف التاريخي والتحليلي واعتمد على أشكال مختلفة من جمع وتدوين المعلومات سواء باستخدام المصادر والمراجع كالكتب والبيانات والمنشورات الثورية وأخبار الصحف الفلسطينية والعربية واللقاءات الميدانية.

كتب الباحث حول محاولات الغزو الاستعماري لبلادنا ودور جبل نابلس في مقاومة نابليون وغيرها من الحملات والتدخلات والموقف من الحركة الصهيونية ،ودور نابلس وجبلها في
الثورات الفلسطينية منذ عام 1920،وتأثير شبابها وقياداتها في الانتفاضات والمؤتمرات، ثم أحداث ومعارك مهمة شاركت فيها الجماهير في ثورة 1936ـ 1939 ،وفيها يشرح عن أثر الفئة المثقفة ودورها في مدن نابلس وطولكرم وجنين ومدى الدور الذي أسهمت فيه رجالات المدينة من مثقفين وأعيان ومحامين ورجال أحزاب كحزب الاستقلال .

ويناقش الباحث في أسباب انفجار الثورة في هذه المنطقة وبروزها واتساعها في المنطقة الممتدة من سلفيت جنوبا حتى حيفا وجبل الكرمل جنوبا ومن السلط شرقا حتى البحر المتوسط غربا،مبينا أهمية المنطقة التضاريسية وخاصة المنطقة الجبلية في قيام حرب العصابات والثورة المسلحة.ودور الفلاحين فيها وعلاقة المدني والفلاح زمن الثورة.وأثر وتأثير النخبة المثقفة والأحداث في سوريا في الثورة.

ويبين الباحث السياسة البريطانية المتبعة والقائمة على الظلم والتعسف ويشرح بعض معاركها وبطولات الشعب الفلسطيني في هذه المنطقة ،وأعمال الحركة الصهيونية وبعض إشكالات وخلاف قادة الثورة ومحاولات التنظيم المتبعة. ودور فصائل المعارضة في إجهاض الثورة




مقدمة البحث


يجيء هذا البحث ليبرز الدور الذي أسهم فيه أبناء الريف الفلسطيني عامة وفي ريف جبل نابلس خاصة، ويوضح أسباب مشاركتهم الواسعة واندفاعهم نحو الثورة .

تقوم فرضية البحث على أن الاستيطان الصهيوني كان بعيد الأثر في ثورة أبناء الريف الفلسطيني ،وباقي طبقات الشعب الفلسطيني ،بسبب شعورهم بخطر مشروع الوطن القومي اليهودي على الأرض والإنسان العربيين ،ويقف عند رأي المعارضة والصهاينة القائل بأن المصالح الحزبية والشخصية لطبقة الأفندية هي سبب الثورة.
ويشمل البحث منطقة جبل نابلس (أقضية نابلس وجنين وطولكرم وبيسان ).
يستخدم الباحث : أسلوب الوصف التاريخي والتحليلي .
استخدم الباحث عدة مصادر ومراجع سواء أكانت عربية أم عبرية أم انجليزية ومنها: الوثائق،والكتب،والصحف ،والمقابلات الميدانية ،ودراسات مثل: كتاب تاريخ فلسطين الحديث لمؤلفه عبدالوهاب الكيالي،ثم مذكرات ومؤلفات لبعض القادة الفاعلين والمشاركين في الأحداث: أمثال : محمد عزة دروزة (حول الحركة العربية الحديثة) وأكرم زعيتر (الحركة الوطنية الفلسطينية ،يوميات زعيتر) ، قادة حزب الاستقلال والمؤرخ إحسان النمر(تاريخ جبل نابلس (الموصوف بمعارضته)
ويعد كتاب القسامي صبحي ياسين "الثورة العربية الكبرى في فلسطين" من المؤلفات المهمة التي تسرد معارك وبطولات في مختلف المناطق من فلسطين .
وهناك كتاب مدرسي أخرجه عيسى الناعوري وإبراهيم القطان في عام 1955 بعنوان: "بطولات عربية وفلسطينية" . ويركز على أدوار البطولة والايجابيات دون تعمق وتحليل في الأحداث ونتائجها .
ويعد كتاب "عزرا دنين" باللغة العبرية بعنوان "شخصيات ووثائق عربية " وطبع أول مرة عام 1944 من المصادر المهمة في جمع البيانات والمنشورات والرسائل ولكن يؤخذ عليه تحامله في تفسير أسباب الثورة وتقليله من شأن الثوار.

وأفاد الباحث كتاب "أمجاد ثورية فلسطينية وحياة بطل من أبطالها " لمؤلفه فيصل عارف عبدالرازق الذي كتب سيرة والده القائد العام عارف عبدالرازق.وجمع بين الروايات الشفوية ومصادر مختلفة بالعبرية والانجليزية .
ووظف الباحث الصحافة الفلسطينية في بحثه ومنها: الدفاع ،والجامعة العربية، واليرموك، والجهاد ،وتقدم سجلا حافلا بالأحداث وتطورات القضية.

المقابلات الشخصية بدأ عمل الباحث في إجراء لقاءات وقام بقراءة سيرة الثوار وتسجيل أعمالهم ممن شقوا درب الكفاح الفلسطيني التقى الباحث مع عشرات الأشخاص في مواقع مختلفة في فلسطين وكان بعضهم ممن شارك في الثورة وحمل السلاح والبعض الآخر شاهد وسمع ،وقد عانى في إقناع بعضهم كي يفتحوا صدورهم.
واستعان الباحث ببعض الوثائق البريطانية المحفوظة لديه، وهي قليلة قياسا بالحدث الكبير
يبقى أن نشير أن البحث جزء من دراسة مطولة لم ينتهي الباحث منها.





















لمحة جغرافية وتاريخية حول منطقة جبل نابلس

المسمى والموقع:أطلق الكنعانيون على مدينة نابلس اسم " شكيم" وتعني :النجد أو الأرض المرتفعة ،ويعتقد أنها قرية بلاطة التي تقع شرقي مدينة نابلس .حرف اليهود اسمها وأطلقوا عليها اسم (شخيم). نقلت المدينة في عهد الرومان غربي بلاطة، وسميت (نيابوليس) : أي المدينة الجديدة التي أقامها الإمبراطور الروماني فسبازيان. أما ياقوت الحموي ، فقد نسب الاسم إلى (ناب) و(لِس ) :أي ناب الأفعى (1)(جغرافية فلسطين،ص137 و138).
تتوسد بين جبلين عند مخرج واد خصيب. غني بالمياه بدت للأوروبيين في القرن التاسع عشر كجوهرة ثمينة بين مدن فلسطين (2)(تحولات جذرية،ص191) .

تعريف منطقة جبل نابلس:

تعد جبال نابلس جزءا من السلسلة الجبلية التي تبدأ من جبال الجليل شمالا ،وتنقطع هذه السلسلة مؤقتا في سهل مرج ابن عامر ،وما تلبث أن تظهر في الجنوب منه، فيما يسمى جبال نابلس ،وتتصل بجبل الكرمل وتكون ذرى جميلة فيه .اشتهرت جبال نابلس بحسن مناظرها ووعورة بعض أقسامها وخصوبة أوديتها ،ومن أشهر جبالها: جرزيم وعيبال ،وهما أشبه بسواري مدينة نابلس .(3) (جغرافية فلسطين، ص11 و12).

يبلغ طول جبال نابلس من الكرمل خلف حيفا، وحتى رام الله حوالي 80 كيلومترا وأما عرضها من غرب طولكرم ،وحتى مشارف الغور فهو أقل من 48 كيلومترا. وهي منطقة جبلية في معظم أجزائها.تبرز الإرتفاعات في جبل الكرمل500 متر ،وجبل عيبال 940 مترا وجبل جرزيم الطور 880 مترا .أما تل العاصور فهو 1003 مترا. وتقطع هذه المنطقة مجموعة من الأودية ،ومن أهمها :وادي الفارعة، ووادي جزيلة ،والوادي المالح.(4)(الموسوعة الفلسطينية ، ق2 الدراسات الخاصة ،مج1 :الدراسات الجغرافية 0عبدالقادر عابد،ص103)

ويتخللها السهول الداخلية الصغيرة ذات القيعان المنبسطة ،ونذكر منها: سهل عرابة وسهل صانور ،ويقعان جنوب جنين مباشرة ،وسهل مخنة ،ويقع جنوب نابلس على طريق رام الله ـ القدس (5).(المرجع السابق ،ص 102وص103).

ضمت منطقة جبل نابلس في العهد العثماني (متصرفية نابلس): وتضم مجموعة أقضية ونواحي منها: مدينة نابلس (عاصمة اللواء)، ومعها قضاء نابلس ،وقضاء جنين وقضاء طولكرم ، وقضاء بيسان ،ونواحي سيدنا علي الحرم و سلفيت.
وبعد الاحتلال البريطاني عمل على تقليل دور نابلس الإداري، وغيّّر التسمية المتداولة إلى اسم لواء (السامرة) : لواء نابلس وقضاءها و يتألف من :قسم جبلي ويمتاز بأسره العريقة في النسب وكثرة زيتونه ومصابنه،وقسم سهلي وهو قضاء طولكرم ويمتاز بزراعة البطيخ ووفرة إنتاجه ، وقضاء جنين ويمتاز بكثرة جبنه وبكثرة سكان بعض قراه ،وقضاء بيسان ويمتاز بجودة قمحه، وجميع سكانه عربا مسلمين،وفيه من السكان 135.880 نسمة (6)(جغرافية فلسطين،ص 137 و138 ).

الأحوال الاقتصادية : اشتهرت نابلس بمركزها التجاري فهي وسط أرض مخصبة يرتادها القرويون ليجلبوا الزيت والحبوب والسمن والجبن ،ويشتروا لقاء ذلك ما يلزمهم ،فهي سوق تجاري ،مما عاد عليها بالخير،حتى إن الفلاحين يقترضون من تجارها بفوائد تزيد عن 12% (7)(جغرافية فلسطين،ص139 و140).
وافتخرت نابلس بصناعة الصابون،ففيها قرابة ثلاثون مصبنة وصابونها مشهور بجودته ويصدر إلى سوريا ومصر (Cool(المرجع السابق،ص139). لقد سبقت نابلس انجلترا في صناعته وكان تجارها يبيعونه على اعتبار انه ضرورة للنظافة عند العرب في حين كان أغنياء بلاد الانجليز وتجارها يستعملونه ترفا ،وبهذا أكدت نابلس منزلتها كمركز محلي وإقليمي للتجارة والحرف بفعل تصديرهم لهذه السلعة(9) (تحولات جذرية،ص 193).

و اشتهر قضاء طولكرم بالبطيخ و حصلت منه على إيرادات في عام 1921 بقيمة 150.000 جنيه، ومن حاصلاته أيضا القمح والشعير والذرة والسمسم (10)(جغرافية فلسطين،ص33 و34).
ويكثر في السهل الساحلي نبات الصبار، وهو نافع لسياج الكروم والبساتين، واشتهرت نابلس وجبلها بالزيتون وهو ركن مهم في مؤونة الفلسطيني ويدخل في صناعاته وحرفه وطبخه وتدفئته، وقد قُطع منه الكثير في الحرب العالمية الأولى؛ لتسيير القطارات بدل الفحم الحجري، ومن أشجار المنطقة الجبلية :العنب والتين والخروب واللوزيات والتوت.(11)(جغرافية فلسطين،ص36ـ40).ويعد الموز والنخيل والقطن والخضار الصيفية التي تباع في مناطق القدس القريبة من أهم حاصلات الأغوار(12)(جغرافية فلسطين،ص6).

لمحة تاريخية حول نابلس: تاريخها موغل بالقدم وصل إليها النبي إبراهيم ،وهي عاصمة السامريين،اشتهر رجالها "بشدة مراسهم" وشقوا عصا الطاعة على والي الشام ووالي عكا ومثال على ذلك تمرد في صانور الشيخ يوسف الجرار ،وظلت نابلس على عنفوانها ؛فعصى فيها قاسم الأحمد على عبدالله الجزار والي عكا واستنجد بالأمير بشير الشهابي ،فهدمت واحتلت عام 1930(13)(المرجع السابق،ص141 و142).
وهم الذين قاوموا نابليون في يافا ووادي عزون ،الذي قتل فيه القائد دوماس ، وفي واديها قطعت رؤوس الفرنسيين واحترقت الذخائر والأحراج فسمي "جبل النار" (14)(تاريخ جبل نابلس والبلقاء،ج1النمر 217و218).

يقول المؤرخ الفرنسي ادوارد لوكروا :"كان الفلاحون يحتلون أماكن منيعة ويختبئون وراء نبات العليق أو الصخور،يقتلون رجاله وخيوله،دون أن يقتنص أحدا منهم واضطر في غده للعودة من حيث أتى واضطرب حاله بسبب إطلاق الرصاص عليه،وجرح جرحا بليغا فجيء به على نعش إلى يافا"(15)( الجزار قاهر نابليون،ص199ـص200).

واستمرت محاولاتهم لجر قواته نحو الجبال لكنه خشي ذلك، وانتقم منهم بحرق مدينة جنين ،وواصل أبناء الجبل عمليات الكر والفر للجند الفرنسي الذين حاصروا عكا. وأخيرا فشل نابليون بفضل بطولة وصمود أبناءها(16).(المرجع السابق. ،ص 253 ) .

ومع أن بعض شيوخ جبل نابلس وقادتها رحبوا بالجيش المصري بقيادة إبراهيم باشا وغزوه لفلسطين عام 1831 وعبروا عن رغبتهم في أن يبقوا متسلمين ومحتفظين بمناصبهم ولبي طلبهم بعد فترة ،لكنهم بعد 3 سنوات انقلبوا عليه في ثورة شعبية عمت البلاد ؛بسبب سياسته التعسفية التي اتبعها، كالتجنيد الإجباري ،وفرض الضرائب الناهضة ،وتجريد الفلاحين من السلاح، ومحاولة دمج الأعيان في نظام الإدارة المركزية ،والتعسف في الحكم ، واستمالته لعائلة عبدالهادي على حساب العائلات الأخرى (17)(الحكم المصري، ص 180,ص242 و243 ).

انتهت الثورة بالخسائر الجسيمة للطرفين وأعدم قاسم الأحمد وولديه وعبدالله جرار،ونصر المنصور الحاج محمد،وحلت زعامات أخرى بدلا منهم،حيث كوفيي آل عبدالهادي،وخسر آل القاسم أموالهم وأملاكهم بسبب إنفاقهم على الانتفاضة(18)(الحكم المصري،ص264).
بعد عودة الحكم العثماني والقضاء على الحكم المصري عام 1840 خُربت قرية عرابة عام 1859 بعد شن الدولة العثمانية هجوما عليها بمساعدة فلاحين مسلحين جندهم آل طوقان وآل جرار ،وقرى الغور، وجبل عجلون . وتدهورت قوة عائلة عبدالهادي، ووصل الاستقلال الذاتي لجبل نابلس في عهدهم إلى نهايته الرسمية،وفرض العثمانيون السيطرة المركزية المباشرة(19)(الحكم المصري في فلسطين 1831ـ 1840،ص364).

كانت لنابلس أهمية كبرى في العهد العثماني ،فهي مقر زعماء الإقطاع ،وبني فيها قصر آل طوقان الذي كان يتسع لـ (ألف) فارس ،وقد وصفت ماري روجرز البازار الرئيس في المدينة ( بأنه أجمل رواق مقنطر في فلسطين ، وهو أطول وأعرض رواق من رواق لوثر في لندن ) ،وقال فيها الأوربيون : " لا ينافسها منافس في الجمال والترف" ،وكان ذلك بفضل تجارتها وحرفتها في صناعة الصابون من زيت الزيتون ، وسمي باسمها (20) (تحولات جذرية،ص191).

سادسا : الحياة الثقافية : تعتبر نابلس وريفها مركزا ثقافيا ظهر فيها على مر العصور التاريخية الكثير من العلماء والأدباء والشعراء ،ومن أشهرهم الرحالة عبدالغني النابلسي 1033هـ.عدت نابلس في مقدمة مدن بلاد الشام في العهد العثماني الأخير في عدد المتعلمين بالنسبة لسكانها.فقد ذهبوا إلى الأستانة وبيروت ودمشق وباريس وتخرجوا في مدارسها وجامعاتها ،وشغلوا مراكز عالية في جهات مختلفة، وفي نابلس ست مدارس أربعة للذكور ومدرستين للإناث،ومدرسة النجاح الوطنية التي يقابلها في القدس مدرسة روضة المعارف،وفيها مستشفيان أحدهما للحكومة والثاني يتبع الإرساليات المسيحية.(21)(جغرافية فلسطين،ص140 و141).

كفاح منطقة جبل نابلس ضد الاحتلال البريطاني والغزو الصهيوني:

بعد ظهور الحركة الصهيونية وإقامة المستوطنات في منطقة السهل الساحلي والجليل أسست مستعمرات في سهل سارونة،وظهرت احتكاكات بين العرب واليهود.ففي عام 1910 اشتبك العرب بالمعسكر المؤقت لمستعمرة "كفارسابا" قبل إنشائها وبين أبناء قلقيلية ،حيثجرت المواجهات بعد إطلاق حارس المستعمرة النار على رعاة من قلقيلية ،وقتل أحدهم،فردت جماعة من أبناء القرية العربية بالهجوم المسلح ليلا بالبنادق والمسدسات،ولم يكن في المستعمرة سوى عائلة واحدة وحارسين يهوديين. وقداختطف المهاجمون الحارسين واقتادوهم إلى قلقيلية،وقام أحد البدو باستدعاء حراس "بتاح تكفا" طلبا للمساعدة وبفضل العلاقات الطيبة بين مختار المستعمرة وبين أحد وجهاء قلقيلية تم الإفراج عنهم (22)(دعوى نزع الملكية،ص90).

اشتدت معارضة نابلس للصهيونية ،حيث نشرت صحيفة الكرمل في الثاني عشر من آب 1911على صفحتها الأولى نبأ قيام مظاهرة كبيرة في نابلس ضد اعتزام الحكومة العثمانية بيع أراضي بيسان التابعة لها لليهود،وذكرت أن خطبا نارية ألقيت وأبرق المواطنون بالاحتجاج للسلطات التركية.(33)(تاريخ فلسطين الحديث،ص58وص59).
وفي هذا العام 1911 بات أيضا الموقف من الاستيطان الصهيوني خلافا أساسيا مع الحكومة المركزية .فقد عارضه أعيان فلسطين في (مجلس المبعوثان العثماني).وقد أصبحت الطائفة اليهودية ظاهرة للعيان إذ وصل عدد المستوطنات حوالي أربعين مستوطنة زراعية، وقد أقيمت في ثلاثة تجمعات مركزة في الشمال والجنوب والوسط الفلسطيني، وقد شكا حاكم نابلس من أن أملاك الأهالي المحليين وأراضيهم قد ضاعت وانتقلت للأجانب واليهود (34)(حوليات القدس،ص60و61)
كانت أوضاع فلسطين في عام 1915 في أسوأ أحوالها وكانت مسألة السفربرلك ( التجنيد العام ) من الأمور التي ساعدت على بيع الأراضي لليهود فعندما أعلنوه. أخذ بعض الفلسطينيين يدفع بدل أو (بخشيش) ،حتى لا يرسل الجميع إلى الحرب و "البدل" هو :مبلغ من المال يبلغ 60 جنيها يدفعها الرجل ؛ليعفي أحد أولاده من التجنيد، فيأخذ أحمد القباني الذي كان رئيسا لشعبة التجنيد قطعة أرض مقابل المال ؛وبهذه الطريقة جمع آلاف الدونمات ولاحقا باعها للصهاينة ،واستغل سرسق الأرمني مجاعات الحرب ،إذ افتتح مكتبا لشراء الأراضي ،فاجتمع بيده أراض كثيرة في مرج ابن عامر ،حيث بيعت لا حقا لليهود (35)(سجل القادة والثوار،ص732وص733).

وبعد الاحتلال البريطاني قامت شخصيات نابلس والقضاء بتأسيس الجمعية الإسلامية المسيحية والتي شكلت مرجعية وطنية لجميع أبناء المدينة واتبعت النضال السلبي وكان لها شأن وتأثير كبير في المدينة وعموم البلاد ،وكانت الحكومة الانتدابية تخشى قراراتها ومواقفها ولهذا عينت أمهر ضباطها ليراقبوا هذه الجمعية (36)(تاريخ جبل نابلس ،ج3،ص190 و196 ).

ورغم حرمان أبناء مدينة نابلس من التوظيف ومقابلتهم بالفقر والتجهيل من قبل حكومة الانتداب ،لكن رجالاتها أدركوا أهمية العلم وفضله ،وبمبادرة من الحاج حسن أفندي حماد عقدوا اجتماعا ،وقرروا تأسيس مدرسة وطنية باسم مدرسة النجاح الوطنية .عملت فيها مجموعة في سنتها الأولى دون راتب ،وعملت على بث الروح القومية بين طلابها ،فتضايقت الحكومة(37) (تاريخ جبل نابلس ج3ص191).

وكان طلابها طليعة المتظاهرين والثائرين في كل موقف وفيها عقدت المؤتمرات والاجتماعات ،وتطورت واتسعت من مسكن مستأجر ،إلى مبنى ثابت بمساعدة الوجيهن "أحمد الشكعة، والحاج طاهر المصري ،ثم قام الأستاذ قدري طوقان ،وواصف العنبتاوي بجمع تبرعات من بلدان الخليج العربي ، فبنيت كلية،وقام مؤسسو مدرسة النجاح بتأسيس( النادي العربي) الذي قامت عليه نخبة من مثقفي المدينة وشكل مصدر إشعاع فكري وثقافي ،ونشط في محاضراته وندواته الوطنية والقومية (38)(المرجع السابق،ص194و195).

انتفضت يافا في الأول من أيار عام 1921وشاع أن اليهود هاجموها. ثارت ثائرة جبل نابلس فهاجموا المستعمرات الصهيونية في السهل الساحلي ،مثل: بتاح تكفا،والخضيرة،وديران،ويهود يافا،واستمرت مدة أسبوعين،وقد بطش الجيش البريطاني بعرب أبي كشك وشيخهم الشيخ شاكر وسجن وفرضت عليه غرامة(39) (قضية فلسطين في دورها البلدي،ص111).

حدثنا : عبدالخالق محمود سويدان من عزون عام 1997"هب الناس بالآلاف قادمين من قرى وبلدات جبل نابلس ،وقضوا ليلتهم في غابة عزون وعند الفجر مروا بالقرب من رعنانيا ،وانطلقوا نحو مستعمرة ملبس وهاجموها من الشمال وكادوا الظفر بحرقها ولكن قوة بريطانية حضرت في الحال واستشهد رزق المصري وأبو فرج من عزون وفيها أنشد الفلاحون:
يوم الخميس خزينا إبليس خلينا أملبس حرايق ."

وشاركت قيادات نابلس في إرسال أول وفد إلى لندن بتاريخ 25حزيران سنة 1921 ؛ وقد دفعت نابلس في سفرهم 1000 جنيه ،واجتمعوا بتشرشل ، ولكنه قطع لهم آمالا بأن الوطن القومي قائم فرجعوا يائسين (40)( تاريخ جبل نابلس ج3، ص198 و199).
وبعد عودتهم عقد في مدينة نابلس المؤتمر الخامس في آب 1922،ويعد أهم هذه المؤتمرات العربية وتقرر فيه: مقاطعة انتخابات المجلس التشريعي واليهود مقاطعة تامة و واقترح المؤتمرون فرض ضريبة على جميع أبناء فلسطين للقيام بالدفاع عن قضيتها وأقسموا أمام الله والتاريخ على تحقيق الاستقلال والاتحاد العربي،ورفض الوطن القومي اليهودي،والهجرة الصهيونية ،وقد أشادت الصحف العربية بنابلس ومؤتمرها ووصفته بـ " بلد الوطنية"(41)(تاريخ جبل نابلس ج3 ص 201و202و203).

بقيت نابلس وجبلها تحتل صدارة الكفاح والنضال .فقد شهدت عام 1924 أعمالا ثورية ضد المستعمرات الواقعة في سهل سارونة وهي: كفار يعبتس ،وعين ورد ،وتل موند، واتهم عارف عبدالرازق بتشكيل عصابة بتحريض من سليم عبدالرحمن ،حيث قام أفرادها خلع الأشجار والأسلاك الشائكة المحيطة بالبيوت ،واجبر حراثون عرب على الشهادة ضد عارف وحكم بـ 5 سنوات وحكم سليم بـ 6 شهور (42)(أنظر: أمجاد ثورية فلسطينية،ص6).

ورغم أن الحركة الوطنية الفلسطينية أصيبت بالجمود وببلوى"الوطنية الثنائية أو الخنثوية" التي عادت على الوطنية وأحداثها بأضرار متنوعة ، حتى أن بعض الأشخاص المعروفين بوطنيتهم استساغوا السير في تيار السمسرة ،واستغل اليهود هذا الواقع للسير في مشروعهم. (43)(الحركة العربية الحديثة،ص52)

إلا أن أبناء قلقيلة عبروا عن وعيهم للآثار الخطيرة لما يقوم به أحد أبناء بلدتهم من عمل في السمسرة؛لهذا اجتمعوا في حزيران عام 1925في أحد الدواوين وتدارسوا مخاطر تسريب الأراضي لليهود ،وقد جاء في الصفحة الأولى في جريدة اليرموك "شيوخ قلقيلية يعاهدون الله على عدم بيع الأراضي ومقاطعة السماسرة " واتفقوا على مجموعة مبادئ وأهمها :اعتبار السمسرة وبيع الأرض من الكبائر وهي "مهنة ممقوتة" ومقاطعة من يعمل بها ومطالبة اللجنة التنفيذية بتعميم الفكرة ونشر الخبر في عدة صحف ومنها:جريدة فلسطين الشعب ،الاتحاد العربي،اليرموك (44)(اليرموك ع 68،4/6/ 1925،ص1).

وفي محاولة لزعزعة الحركة الوطنية الفلسطينية في جبل نابلس عن مسارها ظهر حزبان متواطئان يؤمنان بسياسة "خذ وطالب" وهما حزب الزراع عام 1924 والحزب الوطني،وضم الأول في قيادته عددا من أبناء القرى ،بينما ضم الثاني مجموعة من أعيان المدن ،وكلاهما عملا بتأثير الدعاية الصهيونية والانتداب البريطاني. وقد أضعف الحزبان العزائم وأشغلا الناس بتوافه الأمور وكانت هذه الحركة أقوى ما تكون في لواء نابلس؛ لأن هذا اللواء كان الأشد والأعنف في الحركة الوطنية وفي مقاطعته لمشاريع الانتداب وسرعان ما اكتشف الفلاح النبيه اتصالات اليهود بهؤلاء القادة فتركهم الشعب واضمحلوا (45)(حول الحركة العربية،ص41 وص 42)

قوبل تشكيل فرع للحزب الوطني في طولكرم باستنكار أبناء المدينة ولم يبالي أبناؤهابدعوتهم لحضور اجتماعه التأسيسي سوى بعض البسطاء أو الأعضاء المؤسسين ،وقد علقت جريدة اليرموك في 22 ك1 1924 بعنوان : "بهت الأهلون ونظروا شزرا لهؤلاء وقالوا لهم لا تسرعوا فإن الأمة يقظة وهي تعرف الصالح من الطالح فلم يعد مجالا للتظليل والتهويل" (46)(اليرموك ع33،ص2) .

وعندما اشتعلت ثورة البراق قامت نابلس بواجبها وشملت الهجوم على مراكز البوليس في نابلس الذي اعترضهم في مظاهرة وجرح بعضهم "وأمدت نابلس القدس بالرجال والمؤن طيلة الاضطرابات" (47) (تاريخ جبل نابلس ج3،ص206و207). (تاريخ فلسطين الحديث،ص 202ـ206).
وفي هذا العهد شغلت الرأي العام الفلسطيني قضية وادي الحوارث وأثارت الصحف قضية وادي الحوارث ،التي تعد أهم قضية أثارت الشعور العربي في حينه وبينت كم كان وجوده مستهدفا . وفيها كتب محرر جريدة الجامعة العربية مقالا بعنوان:" أأندلس أخرى في فلسطين: نشاط الصهيونيين لمشتري الأراضي في طولكرم وإقبال الأهلين على البيع بسبب سوء الحال الزراعية ،القدس 23/8/1928)" وفيه بين الخطر الذي يحيق بعرب الوادي والذي زادت مساحته عن 32000 دونم ،وقد عرض في المزاد العلني ،ومعه وادي القباني وتبلغ مساحته 1000 دونم.(48)(مجموعة وثائق،ص54،وص55).

لم يكن المجلس الإسلامي الأعلى يبدي اهتماما بهذه القضية وكان جل تركيزه على ترميم حائط البراق ،وانصرف جهده في عام 1928 لجمع عشرين ألفا ،وأهمل المساومة التي جرت بين بشارة التيان واليهود، وكان بإمكان المجلس الإسلامي شرائه ويبقى عربيا. ( 49) (الموسوعة التربوية12ف1ـ 13ع1،ص11و12).

عادت قضية وادي الحوارث من جديد تشغل الرأي العام وقد باعها أحد الأحفاد للمسيحي اللبناني أنطون بشارة التيان ،ونظرا لرهن الأرض للدولة ،فقد عرضت بالمزاد العلني، وكان خانكين اليهودي مستعدا للشراء ،وحاولت القيادة السياسية الضغط التيان، ولكنه أعلن في الجرائد عن رغبته في بيع الأرض ،وهنا دق ناقوس الخطر في طولكرم، وتم تسجيلها في دائرة تسجيل طولكرم باسم الصندوق القومي اليهودي،. ،ولما علم مخاتير بدو وادي الحوارث بالصفقة قاموا بتوكيل المحامي عوني عبدالهادي وأرسلوا إلى رئيس دائرة الأراضي في فلسطين مكررين التنبيه للخطر الذي يستهدف 1000 نسمة، وعارضوا إدعاء التيان بملكيته واعترض بعض الملاكين من المنطقة الجبلية. (50)(دعوى نزع الملكية،ص124ـ 126)

وبعد أن أصدر قاضي نابلس حكما بإخلاء القاطنين في أراضي وادي الحوارث في 16/11/1929، زاد غضب العرب ،ولم يكن الأمر مقبولا بنصر يهودي في القضية،حيث تعاملت الصحافة العربية باستفاضة مع الحدث وتوحدت جبهة العرب في العمل لكسب القضية واتفقوا أن هذا يؤدي لاقتلاع العرب وطردهم من أراضيهم وفي عام 1932 طرد العرب وتولدت مشاعر العداء لليهود،وارتفع صوت المآذن في بغداد يطالب بمقاطعتهم ونبه المشايخ لخطرهم في خطبهم حتى بات اليهود يخافون أمنا(51) (دعوى نزع الملكية 127ـ 134).

بذلت مجموعة من رجال نابلس وقضائها دورا مهما في مقاومة البيع من خلال شراء بيارات في منطقة طولكرم وبيسان . وغرسوا مساحات من الأراضي وزرعوها بالحمضيات.وحذت البلاد حذوها بتأسيس صندوق الأمة الذي أنقذ 1000 دونم من أراضي غزة ،ونشط المجلس الإسلامي لإنقاذ الأراضي الموقوفة وتحصينها وقام بشراء أراض مستهدفة وسهر على أعمال التسوية (52) (قضية فلسطين في دورها البلدي،ص152ـ ص153).

وفي سياق المبادرات الجديدة قامت مجموعة من المثقفين وعلى رأسهم عوني عبدالهادي ومحمد عزة دروزة وأكرم زعيتر من نابلس بعقد اجتماع في أواسط كانون الأول/ يناير1931 في بيت المحامي عوني عبدالهادي وشهده قرابة خمسين شخصاً ،واتفق في مداولاته على وضع ميثاق قومي عربي يجدد نشاط الحركة العربية ، ويحدد أهدافها وعقد مؤتمر عربي في بغداد(53)(.حول الحركة العربية الحديثة ج3، ص 99).
نشط الحزب لمدة 16 شهرا وكانت فعالياته ملموسة ومنهجه واضح مع أن عدد أعضائه يبلغ ستين عضوا ،وقد رفع الحزب مقولة أن بريطانيا أصل الداء،وفضح سياسة المهادنة والمجاملة عند الحزبين الرئيسين(العربي والدفاع).(54) (المرجع السابق،ص103ـ 104) .
وفي عام 1931أظهر شباب نابلس نهوضا بالحركة الوطنية تمثل في عقد مؤتمر في 31 تموز منه ،وفيه التهب الحضور حماسة ووجهت جميع الخطابات ضد الانجليز .قابلتهم السلطة بإجراءات تعسفية،فتظاهروا بعنف ، وكسروا رجل الضابط البريطاني كايلز ،وأسروا بعض الجنود وفر الباقون .قبض الانجليز على خمسين شابا وحوكموا بالأشغال الشاقة ، وخرجت سيدات نابلس للتظاهر ،وقد سد الجند البريطاني الشارع وصوبوا بنادقهم نحوهن فتفرقن في البيوت (55) (تاريخ جبل نابلس،ج3ص213و214).

لم تقتصر الأدوار المحركة للثورة على الشباب المثقف بل أنها طالت شبان من أصحاب الجنايات والسوابق.فقد خرج بعض الأشخاص في منطقة نابلس على الحكومة ولم ينصاعوا لأوامرها ومنهم : أحمد حمد محمود "أبو جلدة" من قرية طمون ،الذي طورد بسبب جنائي؛ التفت حوله مجموعة من الفلاحين وهم :صالح أحمد المصطفى "العرميط" من قرية بيتا ،ومحمود الدولة من قلقيلية .ادعت بريطانيا أنه قام بعمليات قطع طرق وأنه قتل أفرادا من الشرطة(56) (القوات العسكرية والشرطة في فلسطين 1939،ص418).

طاردت السلطات عصابة أبي جلدة ،فتحول هؤلاء إلى أبطال في عيون الشعب .،واستمروا لمدة عامين،وبخروجها غذت العصابة مظاهر التمرد والثورة في النفوس وتحدي الحكومة. واتحد الرأي العام الفلسطيني ضد بريطانيا ولقبه مراسلو الصحف الأجنبية بـ" الملك أبي جلدة "(57)( قضية فلسطين في دورها البلدي ، ص 191 ـ 192 ) .

وأخيرا وقع أبو جلدة والعرميط في قبضة السلطات بعد الغدر بهما من قبل أحد أقربائه في صيف عام 1934. اقتيد الأبطال إلى الاعتقال وهناك مكثوا في السجن بانتظار حكم الإعدام ونفذ فيهما في سجن القشلة في القدس .(58) (حمزة ديرية،مقال أرسل للباحث)

وقد تسارعت وتيرة الأحداث وهي تنذر بمستقبل مظلم، وتراكم الوعي بجملة المخاطر التي يشكلها الاستعمار الصهيوني القائم على سلب الأرض وتهويدها وحرمان العمال العرب وارتفاع الشعار الجديد والقائل (بريطانيا أصل البلاء والداء) (59) (حول الحركة العربية الحديثة،ص115).ومنذ عام 1933 لمدة ثلاث سنوات تنامى تيار الهجرة الصهيونية حتى بلغ134.500.وقد وصفها الشيخ المظفر بالموجات البشرية التي ستطمس الوجود العربي في البلاد (60)(الثورة العربية الفلسطينية 1936ـ ،1939 ص33).

وقد عبر الشاعر عبدالرحيم محمود عن اسوداد الأوضاع بعد زيارة الأمير عبدالعزيز آل سعود للبلاد الذي استقبل استقبالا حافلا في مدن وبلدات فلسطين ففي زيارته لعنبتا ألقى الشاعر عبدالرحيم محمود قصيدته (نجم السعود) نقتطف منها:
نجم السعود وفي جبينك مطلعه أنى توجه ركب عزك يتبعه
المسجد الأقصى أجئتَ تزوره أم جئت من قبل الضياع تودعه؟
وغدا وما أدناه لا يبقي سوى دمع لنا يهمي وسن نقرعه !(60)(من أوراق إبراهيم نصار).

وجاءت حادثة اكتشاف شحنة الأسلحة المهربة،من ميناء يافا في شهر تشرين الأول 1935 هي التي أثارت القسام ودفعته للخروج مع إخوانه المجاهدين إلى أحراج يعبد(61)(سجل القادة والثوار رواية طلال أبو جعب ص498).
فرض طوق انجليزي حول المجموعة وشيخهم القسام في خربة زيد قرب يعبد واشتبكت مع أفراد الجيش البريطاني تتقدمهم قوات من الشرطة الفلسطينية ، وأخذ الاشتباك صفة الانتقال والحركة من قبل رجال القسام ،وعندما دعا الضابط فيتزرجيرالد الشيخ القسام للاستسلام ، رد عليه بأن نادي رفاقه بأعلى صوته قائلا: " أن موتوا شهداء" وقد استشهد منهم أربعة وقبض على أربعة .(62)(يوميات زعيتر،ص31).

مثلت ثورة القسام انفجارا هائلا وكبيرا في "وعي الشعب وثورته ،وترك أثره في الأجيال الحاضرة واللاحقة.والذي كان يقول لرفاقه "سنكون عود الثقاب ومن يشعل جبل الحطب"(63)(مقابلة الباحث مع عربي بدوي في بيته قرية قبلان عام 1985) .

أسباب بروز الثورة بين فلاحي جبل نابلس:
لقد حاولت بعض الأقلام الصهيونية تصوير جهاد الفلاحين ونضالهم على أنه حالة غليان أوجدها ساسة البلاد من طبقة الأفندية ، وقللت من شأن الثورة بطابعها الفلاحي والشعبي.
إن القول بأن أحداث الثورة كانت مجرد أحداث شغب واضطرابات يدل عل سخف وتضليل وطرح مناف للحقيقة ، إذا علمنا أن كثرة الثوار تتألف من الفلاحين الذين تتصل حياتهم ووسائل عيشهم بالأرض ، وإن غضبهم وحنقهم الموجهين ضد الملاك والسماسرة العرب الذين سهلوا بيوع الأرض بدرجة كبيرة وبتسهيل من سلطات الانتداب وعلى مرأى ومسمعها(64) ( أمجاد ثورية فلسطينية : ص 21) .
إن غالبية سكان فلسطين في العهد البريطاني كانوا يسكنون القرى والتي زاد عددها عن 850 قرية، وهؤلاء يشكلون 70 % من مجمل سكان فلسطين (65) (الهزيمة والأيديولوجية المهزومة، ص 19).

لقد اصطبغت ثورة 1936ـ 1939 بطابع فلاحي أي أن نسبة كبيرة من المشاركين والفاعلين كانوا من أبناء القرى أو الريف فقد أظهرت دراسة تاريخية أن من بين 282 قائدا تولوا مختلف المناصب العسكرية (65%) يقيمون في القرى ، و( 3%) فلاحين استقروا في المدينة و (22%) من سكان المدن و22(8%) من البدو ، والباقي من الدول العربية المجاورة ( 66)( ثورة 1936 في فلسطين دراسة عسكرية ،ص45 ـ ص46 ) .

ولما كانت المناطق الجبلية في فلسطين وعرة المسالك ، ولم تشق الطرق المعبدة في كثير منها ، حتى عام 1936 ، وفيها يقيم الفلاحون ويمتد أبناء الريف الفلسطيني في قرى وبلدات تتوفر فيها الأماكن العالية الملائمة للمرابطة والاختباء والحماية ، ومشاهدة الخصم . فقد اختار الثوار جبل حريش وهو جبل شاهق الارتفاع لا توجد مسارب سهلة تؤدي إلى قمته وقرية ياصيد الواقعة على قمة جبل عال وطرقه متعرجة شديدة الانحدار،،و"ظهرة جمعة" في أراضي قرية بلعا،التي يتعذر اجتياز طرقها ومساربها ،(67)(الثورة العربية الفلسطينية 1936ـ1929،ص62 و63).
وأدى اختلاف الثقافتين العربية واليهودية إلى إظهار الفرق بينهما إن المجتمع العربي المعروف بالمحافظة على العرض والشرف والتقاليد،وله طابع مميز من النسيج الاجتماعي التقليدي، ويشمل الزي واللباس والعادات والتقاليد وجد أن في سلوكياته ما يتعارض مع المسلكيات الأوروبية سواء في شكل اللحى والسوالف وتناول الطعام والعلاقة مع الفتيات العاريات للإغراء الجنسي ،كل ذلك جعل الثقافتين العربية و الأوروبية واليهودية منها في تصادم ، إلى جانب ما يحفل به القرآن من تحذير من غدر وخيانة اليهود والطبيعة المتأصلة للغدر فيهم ، وهم سبب الغدر في عيسى المسيح عليه السلام .

وهناك تأثيرات خارجية كتأثير الإضراب في سوريا باعتبار فلسطين جزءا من سوريا الطبيعية. بعد أن خاض الشعب العربي السوري الإضراب الشامل والطويل ،وهو الذي جعل فلسطين تقتدي بـ "الأم سوريا" . ففي نابلس.عقد مؤتمر شعبي كبير يوم 26 كانون ثاني يناير 1936 وكان ممثلا لمختلف فعاليات المدينة ،وكان المؤتمر فرصة لإعلان التضامن بين البلدين الشقيقين(68) (يوميات زعيتر،ص،43ـ46).
إذن اجتمعت مجموعة عوامل وتضافرت مع بعضها البعض، وجعلت الصراع يأخذ طابعا شموليا وقوميا تناحر يا بما يشكله من خطر جسيم على الأرض والإنسان العربيين.
وأمام هذا الواقع انطلقت شرارة الثورة وبدأت حادثة لية بلعا بمرابطة ثلاثة رجال يلبسون لباسا فلاحيا على طريق نابلس ـ طولكرم ،مساء يوم 15 نيسان عام 1936، بقيادة الشيخ فرحان السعدي قتل فيها يهوديان وجرح ثالث ،وكانوا يقولون للركاب العرب: "إننا بحاجة لدراهم لنشتري بها خرطوشا وقنابل وبنادق للجهاد ولنثأر لشيخنا عزالدين القسام وإخوانه " (69).( المرجع السابق ،ص 54) .
تبع ذلك ردود فعل متبادلة بين اليهود والعرب وقتل فيها عاملين مصريين كانا يبيتان شمال مستعمرة ملبس قتلا في الثامن عشر من نيسان 1936،وانتقلت الأحداث إلى يافا ،وتفجرت المظاهرات والاشتباكات بين العرب واليهود ، وسرى الخبر في جميع البلاد .(70) (حول الحركة العربية الحديثة،ص 117).

تضامنت نابلس مع يافا وعقد اجتماع ضم رجال الأحزاب فيها، وجرى في مصبنة أحمد الشكعة يوم 19/4/1936 واتفق المؤتمرون على مجموعة أسس مهمة تجسدت في : أن تتولى نابلس قيادة الحركة الوطنية على أسس وطنية وليست حزبية وتشكيل لجنة قومية تتولى مهمة الاتصال بالبلاد ،وشددت على مطالب الشعب المعتادة في رفض الهجرة ، وداعية للتعاون بين الفلاح والمدني (71)(يوميات زعيتر،الحركة الوطنية ،ص60).

وأمام إعلان الإضراب في العشرين من نيسان بفعل دعوة نابلس ومبادرتها .أصدرت حكومة الانتداب في فلسطين من خلال الجريدة الرسمية قوانين جديدة أطلقت عليها (قوانين الطوارئ ) والتي أطلقت اليد للمندوب السامي وأباحت له فرض مجموعة إجراءات تعسفية كالإبعاد ،والقبض على أي مشتبه دون محاكمة.(72)(المرجع السابق ،ص66و67) .

وفي يوم الجمعة الموافق 22 نيسان عام 1936 خرجت جماهير نابلس من مساجد المدينة واجتمعت تحت لواء المجلس البلدي وخطب فيهم سليمان بك طوقان ردا على ديزنكوف رئيس بلدية تل أبيب الذي اتهم العرب بالهمجية،واتفقوا على الإضراب الطويل وهزئ سليمان طوقان منه وافتخر بأن شعب فلسطين محاط برعاية إخوانه العرب(72)(المرجع نفسه ،ص74).

شجعت مبادرة نابلس الوطنية إلى اتفاق الأحزاب وعقدت اجتماعا في مدينة القدس يوم الخامس والعشرين من نيسان ، وشكلوا " اللجنة العربية العليا" ؛ كقيادة تدير الأحداث والبلاد ،مقررين مواصلة الإضراب والقيام بجولة في جميع بلدان فلسطين(75) (جبل نابلس،ج3،ص226 وص 227) .

واصل الشعب هياجه واستمراره في العصيان و الاضطرابات في نابلس وزحفت جموع الفلاحين نحوها وتظاهر المدني والفلاح والمسلم والمسيحي ،وانسحب الجند إلى مراكزهم باستثناء الطائرات التي حلقت في أجواء المدينة.وتجرأ الشباب وأطلقوا النار من بعيد على سرايا الحاكم .أما السلطة وقد نشرت منشورا على لسان المستر بيلي يمنع التجول بحسب قانون الطوارئ اعتبارا من يوم 22/أيار 1936 ومن الساعة السابعة مساء حتى الخامسة صباح اليوم التالي(76)(يوميات زعيتر،ص104وص 105)
لعب ثوار جبل نابلس دورا رياديا في تفجير الثورة وبدأت رجالات جبل نابلس تنقل الأحداث من النضال السلبي للنضال الايجابي ،وكأنهم كانوا على ميعاد في يومي 22و23 أيار،وبدا أن الفلاح والمدني يتوثب نحو الثورة المسلحة.
خرجت العصبة الأولى في نابلس ،وعددها خمسة أشخاص،وأطلقت النار على الجند في الجهة الشمالية من المدينة بما توفر لديهم من بنادق وطلقات محدودة، بعد عصر يوم 23 أيار في حي القريون بنابلس وراحوا يتلقون تعليمات وإرشادات من الحاج خورشيد الشخشير . وكان خروجهم مفاجأة لنابلس التي غاب عنها هذا المشهد منذ عهد الإقطاع.(77)(قضية فلسطين في دورها البلدي،ص997ـ 198).

رد الانجليز بفرض منع التجوال على نابلس،وأخذت دورياتهم تستفز الناس ؛وعندها أطلق شاب من مسدسه النار على الجند؛ فوجه الجند سلاحهم على الجالسين بالمقاهي ؛ فاستشهد بعضهم، وفي منتصف الليل اعتقلت السلطات أكرم زعيتر، وشاع الخبر بين القرى أن نابلس تتعرض للذبح والقتل فتقلد القرويون السلاح وهاجموا مراكز الجند وأصلوها نارا حامية وتبادلوا معهم إطلاق النار عدة ساعات(78)(المرجع نفسه،ص200).
وفي سياق الاهتمام بالثورة المسلحة اغتنم عبدالرحيم الحاج محمد فرصة لقائه مع داوود الحسيني في مقهى بيافا أوائل شهر أيار وعبر له عن رغبته واستعداده لتأليف الفرق من الشباب النشيط لمهاجمة كل ما هو بريطاني بالسلاح فحبذ أغلبية الجالسين فكرته ، وجمع داود المال من بضعة تجار وشحن السلاح والعتاد وبعد خمسة أيام أرسلها لعبدالرحيم بجهود ممدوح السخن "أبو محمود" (79)(حوليات القدس،ص77وص78).

وفي مساء يوم الجمعة 22 أيار كان سليم عبدالرحمن يخطب ويحرض على الجهاد بينما كانت مجموعة عارف عبدالرازق تطلق النار على مركز الجند في الخضوري بطولكرم وفي صباح اليوم التالي بلغ أهالي طولكرم والقضاء نبأ اعتقال سليم ومعه عشرات, فثار الفلاحون وتقلدوا سلاحهم متجهين إلى طولكرم ,فالتقوا بقافلة للجيش, فحدث اشتباك بين القوتين في عطفه بلعا واستمر تبادل إطلاق النار حتى المساء(80)(أمجاد ثورية،ص23).

وأمام قوة الثورة في الجبال واشتدادها في جميع فلسطين. قررت وحدات من العصابات المسلحة الهجوم على مواقع منتخبة من مراكز الجند البريطاني وثكناته في نابلس في 24/9/1936،واتفقت الهجوم مرة واحدة على أهدافها، وقسمت الثوار إلى 7 فرق كي تهاجم المواقع المختارة. كان الهجوم دقيقا ومركزا ودارت رحى معركة حامية .اشترك فيها القائد عبدالرحيم الحاج محمد وفصائله ومعه مجموعة من أبطال نابلس واستمرت المعركة طوال الليل وخسر الانجليز عددا كبيرا واستشهد بضعة أشخاص من الثوار ، وانتقم المحتل بأن أطلق النار على المدنيين،وعاملهم بوحشية.(81)(الثورة العربية الكبرى،ص161و162).

وأمام جنون القيادة الانجليزية وصل إلى بيت رئيس البلدية السيد سليمان طوقان مدير البوليس البريطاني ومساعده مع قوة من الجند ، ووضعوه على ظهر سطح مقر الحاكم ،حيث كان رجاله يتبادلون إطلاق النار من رشاشاتهم مع الثوار،وقضى ليلته على هذا الحال،وفي صباح اليوم التالي أعاد سليمان طوقان وسام الحكومة الذي كانت منحته إياه سابقا احتجاجا على هذه المعاملة السيئة(82) (يوميات زعيتر،ص191).

كان لواء نابلس مسرحا لمعارك حربية واسعة النطاق حقق الثوار فيها أروع الانتصارات على القوات البريطانية,وكانت مواقف هذه المنطقة في غاية الوطنية ودروسا ثمينة في التاريخ المعاصر .فقد شاركوا في الإضراب وفي المظاهرات الصاخبة ضد الاحتلال من البداية حتى النهاية (83)(الثورة العربية الكبرى,ص157).

ولم تنجح محاولات الانجليز في استخدام القوة تجاه الشعب ولا أسلوب "فرق تسد" الذي اشتهروا به ،فقد ألقوا المناشير ونشرتها طائراتهم في المدن والقرى وراحت تخاطبهم بمنطق المصالح وتناقضها وأن المدني يربح وهو مرتاح في بيته ،أما الفلاح فهو الخاسر لأنه لا يتمكن من بيع محصولاته (84)(المرجع نفسه،ص165و166).

وقد أثارت هذه المعارك الروح القومية عند المناضلين العرب،فتقاطروا للبلاد بقيادة فوزي القاوقجي ،وشهدت القضية الفلسطينية تحريكا للموقف الشعبي والرسمي العربي، وتسرب إلى فلسطين المتطوعون العرب وخاصة من العراق وسوريا يقودهم فوزي القاوقجي على رأس قوة ضمت أكثر من 250 متطوعا (85)( البعد القومي للقضية الفلسطينية، ص 66)

وصل القاوقجي أواخر آب 1936إلى ياصيد واجتمع بالثوار الفلسطينيين .التقى فوزي القاوقجي بعدد من الثوار الفلسطينيين .وشكل عدة مفارز وتباحث معهم في وضع خطط عسكرية،وأسس محكمة ولجنة خاصة لجمع التبرعات والإعانات بصورة رسمية ونسق خططه معهم و.واجتمع بسليمان طوقان،وجعل فخري عبدالهادي نائبا له (86)( قضية فلسطين في دورها البلدي219ـ222) .

وأمام شعور الحكومة البريطانية بخطورة الموقف واشتداد المعارك التي خاضها الثوار العرب والفلسطينيون أقنعت الملوك العرب ورؤسائهم بلعب دور الوسيط لوقف الثورة والإضراب وقبلت القيادة الفلسطينية وقفه ،وتقرر انسحاب القاوقجي وقواته على أن لا يتعرض لهم الانجليز ،ولكنهم نقضوه وحاولوا تطويقهم في وادي الخشنة،ولكن أبناء البلاد تقاطروا وتخابروا فيما بينهم وحصل توتر شديد ودارت مراسلات ،وانتقل فوزي إلى شرق الأردن ( 87)( المرجع نفسه,ص223و224).

استمرت الأعمال الثورية العربية ولم تنقطع وشملت هجمات على المستعمرات ومصالح الحكومة وعمليات نسف سكك حديدية وقطع خطوط البرق والهاتف وعمليات اغتيال لرجال وضباط بوليس من العرب الذي لعبوا أدوارا مخزية وارتكبوا جرائم وعمليات قتل ضد العرب؛وقد بلغ مجموع عمليات الثوار في فلسطين سنة 1937(511) عملية سقط فيها 276 قتيلا عدا عن خسائر الثوار( 88 ) (شعب فلسطين أمام التأمر البريطاني ،الكيد الصهيوني،ص247) .

خرجت اللجنة الملكية بقرار تقسيم البلاد ثلاثة أقسام :القسم الأول عربي والثاني يهودي والثالث بريطاني ،وقد أوصت اللجنة بتبادل السكان بين العرب واليهود .رفض العرب قرار التقسيم وطالبوا بالسيادة الكاملة(89) (حول الحركة العربية،ص 154 ـ 159).أما الأحزاب الصهيونية المتطرفة فقد اتهمت ايزمن بالتآمر مع الانجليز(90) (يوميات زعيتر،مرجع سابق ،ص163 و164).

تمثل رفض العرب بعقد مؤتمر بلودان في سوريا في شهر أيلول 1937 بحضور ممثلين عن العراق ومصر وأقطار بلاد الشام ،وقوبلت قرارات اللجنة الملكية بالرفض المطلق وكان صوت العراق قويا وينادي بالقوة كسبيل لإحقاق الحق والتخلص من "الُخراج" الصهيوني(91)(المرجع السابق،316) .

وعادت الثورة تشتعل من جديد بعد أن قامت (جماعة الكف الأسود)بتصفية عدد من ضباط البوليس العرب والحكام الانجليز وكان على رأسهم قائد فصيل قباطية المرحوم محمد أبو جعب .فقد اغتال لويس أندروز حاكم الجليل بسبب ضغوطه على العرب لبيع أراضيهم للصهاينة (92)(سجل القادة والثوار ،ص496و729).
جن جنون حكومة الانتداب بعد مقتله ،وكأن هستيريا أصابتها فأخذت تمارس أبشع صور العنف والقتل والتعذيب في محاولة لقمع الحركة الوطنية الفلسطينية واتبعت بريطانيا سياسة عنيفة ضد زعيم البلاد محمد أمين الحسيني واللجنة العربية العليا واعتبرتهم مسؤولين عن الحوادث طيلة الأشهر الماضية. وبلغ المفتي رغبة بريطانيا باعتقاله فتسلل إلى المسجد الأقصى واحتمى فيه وبعد أيام فر بقارب شراعي من يافا إلى لبنان.وقبضت عليه السلطات الفرنسية ولكنها قبلته لاجئا سياسيا مع بعض القيود ،وأخذ المفتي يدير أحداث الثورة عبر تعليماته ل"دروزة" في لجنة الجهاد المركزية التي ضمت مجموعة من قادة البلاد وكان مقرها في دمشق وبيروت (93)(هليل ،أمنون ،جيش الظلال،ص125) .

ومما زاد لهيب الثورة اشتعالا بعتقال الشيخ فرحان السعدي في قرية المزار وإعدامه دون محاكمة ،ونفذ فيه الحكم وهو صائم . في 27 تشرين الثاني الموافق 14 رمضان 1356 هـ، تألفت في فلسطين بتاريخ 2/12/1937،مجموعة من المجاهدين أطلقت على نفسها اسم: (إخوان فرحان) (94)( الثورة العربية الكبرى في فلسطين،ص 176 ).

نشطت عمليات الثوار داخل المدن وراحت تشن حملاتها على المراكز والمعسكرات في داخلها،وكان الثوار يتجولون في نابلس دون أن يعترضهم أحد. وبلغ من قوة الثورة في عام 1938أنها شكلت محاكم شعبية ،ونجحت في حل الخصومات بعد منعهم من التوجه للمحاكم البريطانية. ،كما أنها أمرت بوقف المطالبة بسداد الديون ،ومنع الملتزمين من التعهد للحكومة بشق الطرقات العامة أو تعبيدها ،وأنذرت أبناء المدن بلبس الكوفية والعقال بدلا من الطربوش حتى يختفي الثوار ولا يسهل القبض عليهم(95)( المرجع السابق ،ص119و120).

وبلغ من سلطان الثورة أن القائد العام عارف عبدالرازق نسق جهوده مع الفصائل التابعة له ومع ثوار القدس و،نجح في تحريرها لمدة تزيد عن ثلاثة أيام وسيطروا فيها على مركز الشرطة ،وهرب من فيه واستولى الثوار على معداته و مرت ثلاثة أيام والأعلام الفلسطينية ترفرف في سماء المدينة وعلى أسوارها ومآذنها ومراكز الشرطة والسكان يهللون ويهتفون بالنصر (96)( أمجاد ثورية ص 177و178 ).

ونجح الانجليز باستخدام ( الدروع البشرية) بعد إعلان القيادة العسكرية كذبا فتح المدينة، فخرج الناس من بيوتهم وتدفقوا لرؤية بعضهم وفي وسط الزحام دخل الجيش محميا بالناس المزدحمين في الشوارع وتفرق الثوار(97) (في خضم النضال،مرجع سابق،ص 110و111).

محاولة تنظيم الثورة: انتشرت في جبل نابلس
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://ejtemayat.forumpalestine.com
 
دور فلاحي جبل نابلس في ثورة 1936ـ 1939 اعداد : أ.عبدالعزيزعرار/باحث ومشرف تاريخ
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» مظاهر انتهاك الكرامة الإنسانية من قبل الاحتلال البريطاني زمن الثورة الفلسطينية الكبرى 1936ـ 1939
» ورقة عمل تاريخ
» اختبار تاريخ
» تاريخ القدس
» تحليل محتوى تاريخ فصل اول

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات النبراس التعليمية :: فلسطينيات :: مدن فلسطينية-
انتقل الى: