[b][b]القانون الدولي الإنساني ودور الاحتلال الإسرائيلي في تطبيق الاعتقال الإداري والكيل بمكيال[/b]ين [/b]
أ.عبدالعزيز أمين عرار /باحث ومشرف تاريخ.
منذ القدم والناس في صراع وتناحر ونزاع دائم ومنذ أن نزل آدم إلى الأرض وتزوج حواء وأنجب منها هابيل وقابيل بدأت الخلق تختلف حتى قتل هابيل قابيل مدفوعا بنزعة الشر رفيقة الإنسان مثلما ترافقه نزعة الخير. ولكن إنسانية الإنسان وبما تميزه عن الحيوان تبقى هي الأقوى ومع ذلك تبقى نزعتي الخير والشر يتصارعان في داخله كما يجري الصراع والحرب والنزاع بينه وبين الآخرين لأسباب متعددة، وهكذا وجدناه يوبخ نفسه والآية الكريمة تعبر عما فيه :يا ويلتا قد عجزت أن أواري سؤت أخي .
انتبه هابيل إلى الكرامة الإنسانية ليدفن أخاه كما فعل الغراب وتعلم منه كما أخبرنا الله تعالى في محكم كتابه العزيز، وترى الحيوانات تقدم دروسا للبشر ولهذا تتقاتل الذئاب وحينما يستسلم المغلوب يكف الغالب عن متابعته وهكذا بحثت الإنسانية في غمرة نزاعها وتناحرها وتصارعها وحربها عن قوانين وأعراف وأخلاق وقيم تنظم الحرب وقد جاءت مع الأعراف والشرائع والقوانين التي نتجت عن تجارب الشعوب من خلال الحروب والنزاعات المختلفة.
ولو نظرنا لعديد الحضارات لوجدنا شذرات وقوانين ومعاهدات تناولت قضايا الحرب والأسير والمعاهدات الحربية والتصدي لنتائج الحرب إلى جانب حقوق الإنسان وفي القرن العشرين جادت علينا القوى الكبرى والتي توصف بالقوى بالدول الإمبراطورية بمجموعة من القوانين والمعاهدات والاتفاقيات والبرتوكولات وباتت أكثر تنظيما وأشمل رؤية وحلولا وشملت النزاعات المسلحة البرية والبحرية وسنت قوانين لها، كل ذلك بهدف على الحد من آثار الحروب و التصدى لنتائجها خاصة على المدنيين واعتبرتهم محميين بموجب مجموعة قواعد وقوانين سننتها ولجان تأسست من أجل التخفيف من ويلات ونتائج الحروب الكارثية وقد بدأت بتشكيل فريق الأطباء برئاسة هنري دونان للتقليل من آثار الحرب السيئة في أوروبا ولكن إنسانية هنري دونان كانت تدفع وتبشر لأهمية قيام كيان سياسي لليهود في فلسطين وهو مؤسس اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
واستمرت الدول الكبرى تطبق قوانين مختلفة ومنها الأحكام العرفية وقوانين الطوارئ التي تبيح للقوي إجراءات استخدام القوة في الاعتقال ودون محاكمة على ذنب فهذه بريطانيا تطبق مجموعة من الأحكام والقوانين العرفية ففي شهر أيار 1936 اشتدت الثورة الفلسطينية وقويت وانتشر لهيبها عندها راح البريطانيون يشنون حملة اعتقالات لأبناء فلسطين بدأت في اعتقال قادة الأحزاب والنخب المثقفة التي بدأت بأكرم زعيتر وامتدت إلى محمد عزة دروزة وعوني عبدالهادي من أعضاء اللجنة العربية العليا ،وقد نفي بعضهم من طولكرم إلى طوباس وهو الشاب الوطني سليم عبدالرجمن بتهمة التحريض ولكنه هرب إلى العراق ومن هناك حشد الدعم والتأييد لفلسطين .
كما أن عددا من أعضاء اللجنة العربية العليا وقيادة الشعب الفلسطيني تم نفيهم إلى جزيرة سيشل واعتقل الآلاف في عوجا الحفير ومعسكر صرفند الخراب وسجن عكا وعتليت و... وقد بلغ عدد المعتقلين الإداريين في عهد الانتداب حسب الأستاذ بهجت أبو غربية 50 ألف معتقل.
وكان الإنجليز يمارسون التعذيب والطرد إلى مناطق أخرى في فلسطين وفي عام 1945 شنت قوانين الطوارئ بينما كانت تجري عملية تأسيس منظمة الأمم المتحدة ومع خروج دولة الانتداب جاءت اتفاقية جنيف الرابعة على يد أعضاء 53 دولة وقد ظننا أن هذه المنظمة ستحل المشكلات وستحرر الناس من عبودية العباد وتعيد لهم كرامتهم ومع أن الاحتلال الإسرائيلي وقّع على هذه الاتفاقية لكن الاحتلال لم يلق بالا وبقي ينتهك القانون الدولي في أشكال عديدة وصور شتى وهي تشمل منذ عام 1967:ـ
ممارسة التطهير العرقي والترانسفير الجماعي والفردي ففي حرب 1948 أجبر أكثر من 800000 فلسطيني على الهجرة من وطنهم وطردوا بفعل دور العصابات الصهيونية التي كان شعارها طرد الفلسطينيين وترحيلهم للبلاد العربية حتى أن ما لا يقل عن 416 قرية فلسطينية دمرت و20 مدينة هجرت ولعل أبرزها يافا وحيفا وصفد ومجدل عسقلان وعكا وطبريا والعفولة وعسقلان وأسدود والرملة واللد .
ـ إتباع سياسة المصادرة وفرض حكم عسكري قاس على أخوتنا في الجزء المحتل عام 1948 ومواصلة القتل والتهجير القسري لأفراد وجماعات وخرب وقرى حتى بعد توقيع اتفاقية رودس 1949.ومنها قرى وادي عارة وخريش و..
ـ إتباع سياسة التهويد ومحو الثقافة والهوية الوطنية للشعب ولا زالت حتى اليوم خاصة في مدينة القدس.
ـ مواصلة الأبعاد القسري وفرض الاعتقال الإداري واضطهاد الأسرى وعدم معاملتهم معاملة إنسانية والتمييز بينهم وبين المعتقلين اليهود مما اضطرهم للنضال عبر حرب الأمعاء الخاوية ليفضحوا سياسة الاحتلال أمام العالم وليكشفوا زيف ادعائها بأنها واحة الديمقراطية والحرية.
إن دول العالم وخاصة دول أوروبا والولايات المتحدة ومن لف لفهما مطالبة بادانة نهج الكيان الصهيوني وفضحه باعتباره نهجا عنصريا وفاشيا يقوم على سياسة البطش والقوة والتعسف وفرض سياسات استعمارية ومنها القوانين البريطانية و يدعي أنه يتبعها بالتقادم كما أن الأمم المتحدة مطالبة بسن قوانين جديدة ووضع ضوابط على ممارسة الكيان الصهيوني في الاعتقال الاداري.