قرية بيار عدس المدمرة

***** عدد المساهمات : 51 تاريخ التسجيل : 27/02/2012

قرية بيار عدس المدمرة
إعداد: أ.عبدالعزيز أمين موسى عرار/ باحث ومشرف تاريخ

جاءت هذه المقابلات في إطار اهتمام الباحث بتاريخ القرى الفلسطينية المدمرة ،وقد تم جمع المعلومات عبر لقاءات أجريتها مع مجموعة من أبناء القرية عام 2008ونشرت هذا العام في عدة مواقع الكترونية.
لمحة جغرافية:

تقع بيار عدس في سهل سارونة ويحدها شرقا جلجولية وغربا أراضي أبي كشك و شمالا كفرسابا ، وجنوبا رأس العين وقرية أبي كشك ،أنشئت فوق رقعة سهلية منبسطة، وترتفع خمسين مترا عن سطح البحر .
تبلغ مساحة أراضي القرية ( 5492) دونما .غرست الحمضيات في 1604 دونمات. قدر عددهم عام 1945 ب300 عربي . وبلغت بيوتها أواخر عهد الانتداب قرابة خمسين بيتا.سميت بهذا الاسم لوجود مخازن تحت الأرض حفرت في الصخر، وغلة العدس الشهيرة. (1). (الدباغ،مصطفى مراد،موسوعة بلادنا فلسطين،ج7،الديار اليافية، ،ص347) و(4)و شراب،محمد محمد حسن،معجم بلدان فلسطين ،ص 17

حدثنا الرواي صالح القاسم :
" يقال أنها سميت نسبة للولي الصالح أبو العدس وله شجرة بلوط بجانبها من قبلي وتحتها قبره، ولأن العدس المزروع فيها كان طّّبيخا "(2)
وحول عائلات القرية يحدثنا صالح عن عائلاتها :

"اصل القرية عائلة أبو مجاهد و دار ألخضراوي . دار النيص أصلهم من قرية الجية قضاء غزة. و السوقي ودار مسعود،ولويسي و دار عودة المدنية ،ودار القاروط،وفكعوش،وعبدالصالح ومحمد الصالح،ومشرفة والبغل،والفلحي ".(3)

ويحدثنا مصطفى مشيرفة:
جاء جدي من مصر واسم جدتي مشرفة وهي من عائلة كبيرة في القاهرة ، وكانت بدوية، وكلما مر شخص بالقرب من خيمتها استضافته واحترمته ودعيت العائلة باسمها"(4).

كانت العلاقات بين أبناء القرية حسنة ، ووطيدة مع قلقيلية وكفرسابا وعرب أبو كشك وكفرثلث وعرب الجرامنة، حتى مع اليهود الأوائل في مجدييل ورعنانيا لكنها ساءت بعد ثورة 1936ـ 1939.

أما عن واقع التعليم ، فيحدثنا صالح القاسم :
" لا توجد مدرسة حكومية . جاء عبدالغني زيدان إلى بلدنا وعملنا مدرسة على حسابنا ،وكنا جميعا نقعد على تخت وله رف قدامه وتعلمنا للصف الخامس، عربي ودين وحساب، وإنجليزي، ولم أكمل تعليمي بسبب انشغالنا في زراعة بيارة الشجر ... (6).

وعن الحياة المعاشية يحدثنا: داود الأشقر من بلدة كفرثلث :
ـ"كان في بيار عدس قواديس يشربون منها وتوضع على فراره وعليها بغل يدور،نازلة وصاعدة محملة بالماء ويكبها وراه،و يشبه هذا البئر بئر أبو العون وهو بئر ارتوازي (7).

ويحدثنا القاسم وهو ـ يتنهد بمرارةـ : ـ" أبو السوقي له بيارتين،وابو الشيخ مسعود بيارة مساحتها سبع وتسعين دونم ،وأخرىلأحمد زيد من قلقيلية،وزرعنا برتقال وبطيخ وشمام وقمح وشعير وأرضنا وصلت للبحر ،...،ولأن البلد بلد خير حضر اليها أعداد كبيرة للعمل فيها ...من كفرقدوم وعرب الهويدي والشوافعة ودار الفلحي والرويشات ،ويوم هاجرنا كانت معي شلية بقر رحت جهة طوباس ... أرض البلد سهلية ممتازة وخيراتها لا تعد ولا تحصى ،كنا نبيع المحاصيل في قلقيلية وسيارات البطيخ والشمام ليافا،ويا سلام ما أكثر الانتاج؟!. "( Cool

ويتحدث عثمان النيص :ـ
"كان عندنا بيارة خضراورات وزرعنا قمح وذرة بيضاء وكان ربع البيارة ليمون وأكثره شموطي،وداير ما يدور تفاح سكري وخشابي وسطر رمان وزرعنا البطيخ البلدي ... و كانت حبة الليمون نصف كيلوغرام"(9).
وعن قصة المعاناة السياسية والترحيل : التي تبد أ منذ عام 1939
كتب أكرم زعيتر : ان اليهود ارتكبوا جريمة فضيعة بعد أن طرقوا باب دار المختار حامد النيص في ليلة 29 أيار 1939في بيار عدس،ولما فتحت لهم الباب زوجته ،اقتحموا البيت وأطلقوا النار عليها،فقتلت واقتحموا منزلين آخرين وكرروا الجريمة فيها،وقال البلاغ الرسمي البريطاني انه قتل خمسة أشخاص (رجل واربع نساء) وجرح خمسة ، وقتلت زوجة المختار ظريفة وأمينة محمد سويلم 70 عاما و سويلم 50 عاما وفاطمة ابو عيشة(40 )عاما وعمر الخضراوي(25)سنة، وجرحت كريمتا المختار نفسه...(10).

وعن هذه الجريمة حدثنا النيص :
ـ "كنا في بيت عقد بأقواس ولا يوجد كهرباء سوى لمضة كاز ،وأذكر أني كنت صغيرا وصار طخ ودخلوا الدار وهم يرشوا البيت،قال لهم أبوي يا خواجا خوفت الأولاد ! وانطفت اللمضة في العتمة،وتخبينا في الخابية... وأوذي أخي في رجله وحملني أبوي عالبيارة وبتنا هذيك الليلة بين الشجر،وطخوا المختار حامد النيص وسقط على الأرض وعمل حاله ميت ومرقوا عنه وانقتلت إمرأتين : زريفة خضراوي وحِسن شريم جيل بعض،وقتلوا شخص من دار الخضراوي فوق الدار ،ويوم اطلعت من البيارة لفوا رأسي وروحت عالدار وجين خالاتي من كفرسابا،حيث استشهدت والدتي أمينة سويلم وفي حضنها أخي الصغير الذي لم يتجاوز السنتين و حملوها أهلها في عرباية على حصانين وقبرت في كفرسابا(11).

وحول أسباب الجريمة حدثنا عثمان:
" ... قتل يهودي بين كفرسابا وملبس وقالوا: قتله توفيق العال وهو شاب كان يعمل شاي للثوار لمن ييجوا على بيار عدس .وكان الانجليز معهم يهود وسألوا مختار بيارعدس ان يسلمه قال ما بقدر أسلمه قال انتو روحوا جيبوه ، قتلوا نسوانه الثنتين وامرأة ابن عمه، وحبسوا توفيق العال " (12).
وعن علاقة القرية بالثورة يتحدث صالح القاسم:
" كان علي سبيت ثائر من قلقيلية ومعه خمسة إلى ستة وهو رئيسهم بيجو ع البيارة ويطلب منا لبن وخبز " (13) .
حرب 1948 وتهجير القرية:

مع بد اية الأحداث في حرب 1948 شاعت مظاهر الخوف والقلق عند العرب في السهل الساحلي وقد ضاعفتها سلسلة الاعتداءات التي قامت بها المنظمات الصهيو نية . حاول الشيخ توفيق أبو كشك اللجوء لأسلوب المهادنة مع زعماء العصابات في المنطقة.
كتب المؤرخ الاسرائيلي بيني موريس : " اجتمع وجهاء هذه القرى ومخاتير أبو كشك وجليل ،مع مندوبي الهجناه في كانون ثاني 1948 في بيت أبرهام شبيرا في بيتح تكفا وأعلنوا رغبتهم بالسلام .." (14)

لم تصمد هذه الاتفاقيات ،حيث اعتدت المنظمات الصهيونية على القرى والمدن العربية، واشتبكت معها قوات جيش الانقاذ في شباط 1948،و دفعت الجرائم وعمليات الرعب لهجرة الفلسطينين وترحيلهم.

ويذكر موريس: أن الهجرة من القرى العربية في تلك الفترة أكبر ما يكون في منطقة الشارون (سهل سارونة) بين تل أبيب والخضيرة ... كانت أول قرية هجرها أهلها هي قرية خربة عزون على الحدود الشمالية لرعنانيا لقد هجرت تلك القرية في 21 كانون أول 1947، خوفا من تعرضها لهجوم يهودي..." (15).

تأثرت بيار عدس بما يجرلي حولها حدثنا صالح :
" أجبرنا على الرحيل ،وسخرت من قول الأمير عبدالله يوم أن جاء إلى قلقيلية وحضرنا اجتماعه ومعنا المختار حامد النيص،وقال يومها: سأجعل المدافع تتكلم وستعودوا لدياركم،وقد رحبت به قلقيلية ، وكتبوا على يافطة كبيرة :عشيرة زيد المعانية ترحب بالأمير عبدالله،... وجرب يهود مجدييل الاتصال معنا وطلبوا خمسة أشخاص يقابلوهم،وتعهدوا بعدم اطلاق النار علينا على أن لا نتدخل،ولكن اليهود قتلوا بعدها ابراهيم التلاوي ... ،وجاء جيش الانقاذ وقعدوا اسبوع في بيارعدس،وحضر الشيخ توفيق ابو كشك ،وقال : خليهم ينسحبوا ،بقينا لحالنا،وجاء اليهود من جهة جلجولية واشتبكوا مع بعضهم البعض وسقط منهم عدد من القتلى،جاءت الفزعات من قلقيلية والقرى المجاورة واستشهد عبداللطيف الحاج حسن لباط وعمره 25سنة"(16).
ويذكر داود الأشقر المشارك في الحرب:
"بدات الأحداث في منطقتنا بعد معارك يافا بأن قتل أهل قرية فجة يهودي ،ورد اليهود بقتل أربعة من عرب الشوابكة ،عند قرية سيدنا علي . هاجروا وتركوا المنطقة خوفا على أرواحهم،وعمل الشيخ توفيق اتفاقية هدنة مع اليهود،ولم تصمد،واضطرالبدو للرحيل ،وهم عرب العمامرة،والسوالمة،الخولية والشوابكة،و العويصات ،وعرب أبومطلق (المجنون)،والجرامنة ودار أبو حطب... وأول المعارك حدثت في بيارعدس بين جيش الانقاذ واليهود وفزعوا من البلاد وقعدوا ليليتين في دار السوقي وهجموا على اليهود حتى طلعت الشمس ،بعدها احتلها اليهود"(17) .

وتحدثنا خضرة مجاهد عن الهجرة والرحيل:
" خرجنا من الخوف و جاءت ثلاث دبابات عراقية صرن يطخين غربا،وأبي ختيار وأخذت البقر والغنم مع الراعي لجلجولية،قالوا اطبخي للجيش وانقتل ناس والطوابين دايرات وعجنت الخبز وأخذته ع الخنادق ...،واستشهد عبداللطيف الحاج حسن وسوريين وعراقيين ومجموعهم حوالي ست أشخاص... ،وكان جوز أختي طول الليل يطخ في الستن واسمه يعقوب صباح من بيتونيا ... وأذكر يومها كانت مطر وزحاليق وأول ظهور سبل القمح واليهود حرقوا الزرع من كفرسابا لملبس وبعدها هاجرنا على خريش والزاكور وبيت أمين وكفرثلث وكانت لنا خيمة اشتريناها بالمصاري... وانتقلنا لقلقيلية"(18)
وتتفق روايات أبناء القرية مع كتابات موريس الذي يرى أن عملية ترحيل جماعية جرت في منطقة سهل سارونة ما بين قيسارية ويافا نتيجة للأعمال التي قامت بها ايتسل والهجناة ومشاعر العزلة لدى القرى العربية وأوامر الطرد الواضحة للعرب،واختطاف وجهاء الشيخ مونس واخلاء مضارب البدو،واخلاء خربة عزون،وترحيل مسكة،ثم ترحيل سكان قرية بيارعدس من المنطقة في 12 نيسان 1948.( 19)

هاجر أبناء القرية إلى مواقع قريبة مثل جلجولية وقلقيلية وأبعد منها إلى كفرثلث ومخيم طولكرم وطوباس وعمان واربد.

وأخذ الناس يبكون واقعهم الجديد ،وقد حملوا بعض أمتعتهم وذكرياتهم،فقد احتفظ أبو القاسم بسلم حديد استخدمه لبئره،وسيف للحشيش .
حدثتنا خضرة :"الذين طردوا منها" حامد حسن النيص وأولاده أحمد ،ومحمد حسن النيص .وصالح قاسم المسعود وأخوه محمود،ومصطفى مشيرفة واخوته حسن وعلي وابراهيم ومحمد السوقي وأولاده،ومحمد الخضراوي وعلي الخضراوي،ومحمد أبوصالح،وداربحيريي في جلجولية ومخيم بلاطة،و ماجد لويسي ويوسف لويسي،ودار علي البغل،و محمد الدويري وأخيه حسن،وأبو عمر القدومي ... قعدنا شهرزمان في جلجولية وبعدها رحنا على خريش والزاكور وخوف المدفعية توصلنا شردنا لبيت أمين(20).
وحول ثبات أبئائها يتحدث النيص:
دمروها وأقاموا بدلا منها إيلي شيمع ،وجربوا إغراء أبنائها ممن يمتلكون أراضي مسجلة ولكنهم رفضوا تبديل الأرض أوبيعها،ومنهم عبدالرحيم النيص في جلجولية (21).
....................................................
المصادر والمراجع:
:ـ أكرم زعيتر، الحركة الوطنية الفلسطينية 1935ـ 1939،مؤسسة الدراسات الفلسطينية ط1، 1980،ص 598 وص 599
ـ بيني،موريس،طرد الفلسطينيين وولادة مشكلة اللاجئين،وثيقة اسرائيلية،ص 117ـ 119 .
ـ شراب،محمد محمد حسن،معجم بلدان فلسطين،الأهلية للنشر والتوزيع 1992،عمان،ص 174.
ـ الدباغ،مصطفى مراد،موسوعة بلادنا فلسطين،ج7،الديار اليافية، ،ص347

مقابلات ميدانية ومسجلة:

ـ مقابلة خضرة مجاهد زوجة حسني النيص ،تقيم في قلقيلية .مقابلة بتاريخ 26/2/2007
ـ مقابلة مع مصطفى محمد ابراهيم مشرفة في قلقيلية بتاريخ 26/2/2008
ـ مقابلة أجريت مع صالح القاسم في قلقيلية بتاريخ 10/1/ و أخرى بتاريخ 24/2/2008
2007
ـ مقابلة داود الأشقرفي منزله بكفرثلث جرت بتاريخ10/1/2007
26/2/2007 وتاريخ 25/2/2008

ـ مقابلة أجريت مع عثمان النيص "ابو وائل " في قلقيلية بتاريخ 27/ 2/ 2008

» القرى الفلسطينية المدمرة
» من القرى الفلسطينية المدمرة
» ملف كامل القرى الفلسطينية المدمرة
» من القرى الفلسطينية المدمرة عين حوض حيفا